للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأمل ما حدث بين الصحابة عندما كانوا يسيرون مع النبى صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا " (١).

****

أخى فى الله:

لا تاخذنى بالظن فإن الظن أكذب الحديث كما قال صلى الله عليه وسلم، فلا تصدر عليّ حكما بغير دليل بيِّن وراجح، ولا تعاملني على أساس هذا الظن، فالمؤمن لا يظن بأخيه المؤمن إلا خيرًا ويلتمس له المعاذير.

فإن لم تستطع أن تتغلب على ظنونك فلا تحملها فى صدرك أو تحدث بها أحدًا، بل سارع إليَّ وواجهني بها حتى أُبين لك الحقيقة، فأقرب طريق بين النقطتين هو الخط المستقيم.

فلو عامل كل منا الآخر بالظنون لحمل الكثير في صدره تجاه أخيه، ولأصبحت علانيتنا مخالفة لسرائرنا.

ولا تجعل يا أخي أذنيك هي مصدرك الرئيسي في تلقي المعلومات، بل حقق بنفسك وشاهد بعينك، فالأشخاص يختلفون فيما بينهم في تقييم ما يصلهم من أخبار، فالبعض قد يستصغر أمرًا يعظمه ويهوله آخر، فكما قالوا: آفة الأخبار رواتها.

****

أخى فى الله:

تثبت مما تقول عند نقلك للكلام، فلا تنقل كلاما لأحد إلا إذا كنت متأكدًا منه تمامًا فكما قال صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع " (٢).

ولا تجعل الكلام ينتقل عن طريق الألسنة دون إمراره على العقل للتفكير فيه وتحكيم الشرع فيه، حتى لا نُصيبَ قومًا بجهالة فنصبح كما قال عز وجل لبعض المؤمنين في حادث الإفك: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور/١٥].

فإذا بلغك شيء عني وحاك في صدرك ولا تريد أن تصارحني به، فلا تحدث به أحدًا من حولك، واسلك سبيل المؤمنين في ذلك كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء/٨٣].

*****

أخي في الله ..

لا تنقل إليّ عن إخواني إلا الطيب، حتى لا أخرج إليهم وفي صدري شيئ تجاههم، فكما تعلم يا أخي أن أدنى درجات الأخوة سلامة الصدر.

وكما قال صلى الله عليه وسلم: " لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئًا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " (٣).

فلنتق الله في إخواننا ولنحذر أن نكون سببًا في إيغار الصدور بينهم دون قصد.

ولا تحاول يا أخي أن تتحسس خطأ إخوانك وتعرف أسرارهم (٤)، وإذا ما رأيت أحدًا يتحدث معي في شيئ يخصه فتحاشى استراق السمع، ولا تحاول أن تسألني عما دار بيننا بعد ذلك، فكما قال صلى الله عليه وسلم: " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه " (٥). وإذا ما تحدثت معك عن مشكلة لشخص ما ولم أُسمِّه لك فلا تحاول أن تعرف اسمه، وجاهد نفسك لتتغلب على فضولك.

أخي:


(١) حديث صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٤٣٧٢)، وأحمد برقم (٢٢٤٨١).
(٢) حديث صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٤٣٦١)، والحاكم في المستدرك برقم (٣٤٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) حديث ضعيف: أخرجه أبو داود برقم (٤٢٣٩)، وأحمد برقم (٣٦٥٠) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٤) قال صلى الله عليه وسلم: " إياكم و الظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا " متفق عليه.
(٥) حديث صحيح: أخرجه الترمذي برقم (٢٢٩٥)، وابن ماجه برقم (٣٩٧٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>