كتاب ديوان طرفة بن العبد

قافية الدال - أطلال خولة - ص: 26

كأنّ البُرينَ والدّمالِيجَ عُلّقَتْ ... على عُشَرٍ، أو خِروَعٍ لم يُخَضَّدِ (١)

كريمٌ يُرَوّي نفسه في حياتِهِ ... ستَعلمُ، ان مُتنا غداً، أيُّنا الصّدي (٢)

أرى قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بمالِهِ ... كَقَبرِ غَويٍّ في البَطَالَةِ مُفسِدِ (٣)

تَرى جُثْوَتَينِ من تُرَابٍ، عَلَيهِما ... صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ (٤)

أرى المَوتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويصْطفي ... عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشدِّدِ (٥)

أرى العَيش كَنزاً ناقِصاً كلَّ ليلةٍ ... وما تَنقُصِ الأيّامُ والدّهرُ يَنفَدِ (٦)

لَعَمْرُكَ إنَّ المَوْتَ ما أخْطَأَ الفَتى ... لَكالطِّوَلِ المُرخى وثِنياهُ باليَدِ (٧)

فما لي أراني وابنَ عمّي مالِكاً ... متى أدنُ مِنهُ يَنأ عني ويَبعُدِ (٨)

يَلومُ وما أدري عَلامَ يَلومُني ... كما لامَني في الحيّ قُرطُ بنُ مَعبَدِ (٩)

وأيْأسَني منْ كلِّ خيرٍ طَلَبْتُهُ ... كأنّا وضَعْناهُ إلى رَمْسِ مُلْحَدِ (١٠)

على غير ذنبٍ قلتهُ، غيرَ أنّني ... نَشَدْتُ فلم أُغْفِلْ حَمُولة َ مَعبَدِ (١١)

---

(١) البرين: حلقة توضع في أنف البعير. الدماليج: مفردها الدملج وهو السوار العريض. العشر: ضرب من الشجر وكذلك الخروع. لم يخضد: لم تُجز أوراقه.
(٢) الصدي: الشديد العطش.
(٣) النحام: البخيل الحريص. الغوي: الضال.
(٤) الجثوتان: مفردها الجثوة وهي المرتفع من التراب والمعنى أنه يرى المساواة بين قبري البخيل والجواد ولا فارق بينهما أثناء الموت.
(٥) يعتام: يختار. العقائل: مفردها العقيلة وهي المرأة الكريمة ذات الحسب. الفاحش المتشدد: الشديد البخل.
(٦) ينفد: يتبدد وينتهي.
(٧) الطول: الحبل الطويل الذي تُربط به الدابة لترعى. الثني: الطوي والرد.
(٨) مالك: ابن عم الشاعر الذي سلبه مالاً وضعه في عهدته. ينأى: يبعد.
(٩) قرط بن معبد: رجل من قبيلة الشاعر.
(١٠) أيأسني: جعل اليأس يدخل قلبي. الرمس الملحد: القبر.
(١١) نشدت: طلبت. الحمولة: الإبل المعدة للعمل وللحمل عليها. معبد: معبد بن العبد بن سفيان شقيق طرفة.