للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَبِهَذَا قَالَ الْنَّوَوِيُّ رَحِمَهُ الله: (١)

وَعَنْ أَنَسِ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِيْنَةَ (لَعِبَتِ الْحَبَشَةُ بِالْحِرَابِ فَرَحَاً بِقُدُوْمِهِ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (٢)

وَقَالَ: فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَةُ وَمَارَوَتْهُ عَائشَةُ - رضي الله عنها - وَاحِدَةٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ بَالِغَةٌ لأَنَّ الْنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَنَى بِهَا حِيْنَ قَدِمَ الْمَدِيْنَةَ وَهْيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ.

قُلْتُ: وَالْذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَاحِدَةً لأَنَّ عَائشَةَ - رضي الله عنها - ذَكَرَتْ: أَنَّ لَعِبَ الْحَبَشَةَ كَانَ يَوْمَ عِيْدٍ

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَنْكِبِهِ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ) (٣)

وَلأَحْمَدَ: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (كُنْتُ أَلْعَبُ بِاللُّعَبِ فَيَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَإِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَرْنَ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَرُدُّهُنَّ إِلَيَّ) (٤)

الْجَوَابُ الْثَانِي: كَانَ نَظَرُ عَائشَةَ - رضي الله عنها -؛ لِمَنْ يَلْعَبُوْنَ بِالْحِرَابِ؛ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ.

كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيْثُ أَنَسٍ هَذَا؛ إِذْ فِيْهِ أَنَّ لَعِبَ الْحَبَشَةِ كَانَ عِنْدَ قُدُوْمِ الْنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِيْنَة:؛ وَقُدُوْمُهُ كَانَ فِي الْسَنَةِ الأُوْلَى: وَ لَمْ يُشْرَعْ الْحِجَابُ إلا بَعْدَ غَزْوَةِ بني قُرَيْظَةَ؛ وَكَانَتْ عَقِبَ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ.

كَمَا قَالَتْ عَائشَةُ - رضي الله عنها -: (كُنْتُ في حِصْنِ بني حَارِثَةَ يَوْمَ الْخَنْدَ قِ وَكَانَتْ مَعْيَ أُمُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذِ في الْحِصْنِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ) رواه البيهقي رحمه الله (٥).

وَفِيْهِ لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَةُ أَبي لُبَابَةَ لِمَا فَعَلَهُ مَعَ بني قُرَيْظَةَ.


(١) (شرح صحيح مسلم (ج١٠ - ص٩٦)
(٢) السنن الكبرى (ج٧ - ص ٩٢)
(٣) صحيح مسلم رقم ١٤٨٣ (ج ٤ / ص ٤١٨) باب الرخصة في اللعب الذي لامعصية فيه
(٤) مسند أحمد رقم٢٤١٦٩ (ج ٥١ / ص ٣٢٦)
(٥) السنن الكبرى برقم ١٣٣٠٧ ج٧ - ص٩٢

<<  <   >  >>