للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٤٣٦ - خنيس بن خالد: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه مروا على خيمتي أمِّ معبدٍ الخزاعية، وكانت امرأةٌ جلدةٌ تسقي وتطعمُ، فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروه منها فلم يصيبوا عندها شيئًا، وكان القوم مرملين مسنتين فنظر - صلى الله عليه وسلم - إلى شاةٍ في الخيمة، فقال: ((ما هذه الشاة يا أم معبدٍ)

قالت: خلفها الجهد عن الغنم، قال: ((فهل بها من لبنٍ)

قالت: هي أجهد من ذلك، قال: ((أتأذنين أن أحلبها)

قالت: بلي بأبي أنت وأمي، فدعا بها فمسح على ضرعها وسمى الله ودعا لها في شاتها، فدرت واجترت، فحلب ثم سقاها وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم، ثم حلب ثانيًا حتى ملأ الإِناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها وارتحلوا فقل ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبدٍ أعنزًا عجافًا، فلمَّا رأى اللبن عجب، وقال: من أين هذا يا أمَّ معبدٍ ولا حلوبة في البيت؟

قالت: لا والله إلَاّ أنه مر بنا رجلٌ مباركٌ من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي، قالت: رأيتُ رجلاً ظاهرُ الوضاءة، أبلج الوجه، حسنُ الخلق، لم تُعبه ثجلةٌ، ولم تزر به صعلةٌ، وسيمٌ قسيمٌ في عينيه دعجٌ، وفي أشفاره وطفٌ، وفي صوته صحلٌ، وفي عنقه سطعٌ، وفي لحيته كثافةٌ، أزج أقرنُ، إن صمت فعليه الوقارُ، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيدٍ، وأحلاه وأحسنهُ من قريبٍ، حلو المنطق لا هذرٌ ولا نزرٌ، كأن نطقهُ خرزات نظم ربعٍ لا تشنؤه من طولٍ ولا تقتحمه من قصرٍ،

⦗٥٥٨⦘ غصنٌ بين غصنين، فهو أنضر الثلاثةً منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاءُ يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا أمره، محفودٌ محسودٌ لا عابسٌ ولا مفندٌ قال أبو معبد: هو والله صاحبُ قريشٍ الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلنَّ إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، وأصبح صوتٌ بمكة، يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:

جزى الله ربُّ الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أم معبد

هما نزلاها بالهدى فاهتدت به ... لقد فاز من أمسى رفيق محمد

فيا لقصى ما زوى الله عنكم به ... من فعالٍ لا تجارى وسؤدد

ليهن بنى كعبٍ مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائلٍ فتحلبت ... عليه صريحًا ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهنًا لديها بحالبٍ ... يرددها في مصدرٍ ثم مورد

فلما سمع حسان بن ثابتٍ أنشأ يجيب الهاتف ويقول:

لقد خاب قومٌ زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسري إليهم ويغتدي.

ترحل عن قوم فضلت عقولهم ... وحل على قومٍ بنورٍ مجدِّد

هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد.

وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد.

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كلِّ مسجد.

وإن قال في يومٍ مقالة غائب فتصديقها ... في اليوم أو في ضحى الغد.

ليهن أبا بكرٍ سعادة جده. ... بصحبته من يسعد الله يسعد.

للكبير. بخفي (١).


(١) الطبراني ٤/ ٤٨ - ٥١ (٣٦٠٥) وقال الهيثمي ٦/ ٥٦: وفي إسناده جماعة لم أعرفهم. وانظر السابق.