٦٤٦٤ - سعدُ بن معاذ: أنه كان صديقًا لأمية بن خلفٍ، وكان أمية إذا مرَّ بالمدينة نزل على سعدٍ، وكان سعدٌ إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فانطلق سعدٌ معتمرًا، فنزل على أمية، وقال له: انظر لي ساعة خلوةٍ لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبًا من نصف النهار فلقيهما أبو جهلٍ، فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟ فقال: هذا سعدٌ، فقال له: أبو جهلٍ: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد آويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم؟ أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالمًا. فقال له سعدٌ ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشدُ عليك منه، طريقك على المدينة، فقال له أميةُ: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي. فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:((إنه قاتلك)). قال: بمكة؟
قال: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعًا شديدًا، فلمَّا رجع إلى أهله قال: يا أم صفوان ألم ترى ما قال لي سعدٌ؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أنَّ محمدًا أخبرهم أنه قاتلي، فقلت له: بمكة؟
قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة. فلمَّا كان يوم بدرٍ استنفر أبو جهلٍ الناس، قال: أدركوا عيركم. فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهلٍ، فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناسُ قد تخلفت وأنت سيدُ أهل الوادي تخلفوا معك. فلم يزل به حتى قال: أما إذا غلبتني، فوالله لأشترينَّ أجود بعيرٍ بمكة، ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربيُّ؟ قال: لا، وما أريدُ أن أجوز معهم إلا قريبًا، فلمَّا خرج أميةُ أخذ لا ينزلُ منزلاً إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك حتى قتله الله ببدرٍ. للبخاري (١).