للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابتاع الرجلُ منها فخصَّ بها نفسهُ، وأما العيالُ فإنَّما طعامهم التمرُ والشعيرُ فقدمت ضافطةُ من الشام، فابتاع عمي رفاعةُ بنُ زيدٍ حملاً من الدرمك فجعلهُ في مشربةٍ لهُ وفي المشربة سلاحٌ ودرعٌ وسيفٌ، فعدى عليه من تحتِ الليلِ، فنقبت المشربة وأخذ الطعامُ والسلاحُ، فلمَّا أصبح أتاني عمِّي فقال: يا ابن أخي: إنه قد عُدى علينا في ليلتنا هذه، فنقبت مشربتنا وذُهب بطعامنا وسلاحنا، فتجسسنا في الدار وسألنا، فقيل لنا قد رأينا بني أبيرقٍ استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكُم، وكان بنو أبيرقٍ، قالوا ونحنُ نسألُ في الدار والله ما نرى صاحبكُمْ إلا لبيد بن سهلٍ رجلاً منالُهُ صلاحٌ وإسلامٌ، فلما سمع لبيدُ اخترط سيفه وقال: أنا أسرقُ، فوالله ليخالطنكُم هذا السيف أو لتبيننَّ هذه السرقةِ، قالوا إليك عنا أيها الرجلُ، فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابُها، فقال لي عمِّي: يا ابن أخي: لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك لهُ، فأتيتُهُ فقلتُ: إن أهل بيتٍ منَّا أهل جفاءٍ عمدُوا إلى (عمي) (١)

رفاعة بن زيدٍ فنقبُوا مشربتهُ وأخذُوا سلاحه وطعامهُ، فليردُّوا علينا سلاحنا، فأما الطعامُ فلا حاجة لنا فيه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((سآمر في ذلك) فلما سمع بنو أبيرقٍ أتوا رجلاً منهم يقالُ له: أسيرُ بنُ عروة فكلموهُ في ذلك، فاجتمع في ذلك أناسٌ من أهلِ الدارِ، فقالوا يا رسول الله إنَّ قتادة وعمَّهُ عمدُوا إلى أهل بيتٍ منا أهلِ إسلامٍ وصلاحٍ يرمونهم بالسرقةِ من غير بينةٍ ولا ثبت، قال قتادةُ: فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فكلمتُهُ، فقال: عمدتَّ إلى أهلِ بيتٍ ذكر منهم إسلامٌ وصلاحٌ ترميهم بالسرقة من غير ثبتٍ ولا بينةٍ، فرجعتُ ولوددتُ أنى خرجتُ من بعض مالي، ولم أكلم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك

⦗١١٩⦘ فأتاني عمِّي فقال: يا ابن أخي: ما سمعتَ؟

فأخبرتُهُ بما قال - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الله المستعانُ، فلم نلبث أن نزل القرآنُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} [النساء:١٠٥] بنى أبيرقٍ {وَاسْتَغْفِرِ الله} [النساء: ١٠٦] ما قلتُ لقتادة {إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: ١٠٦] {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ الله لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً} [النساء:١٠٧] {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ - إلى رَحِيماً} [النساء: ١٠٨] أي: لو استغفروا الله لغفر لهم، {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ - إلى قولهِ- وَإِثْماً مُبِيناً} [النساء: ١١١ - ١١٢] قولُهم للبيد {وَلَوْلا فَضْلُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ - فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: ٧٤ - ١١٣] فلمَّا نزل القرآنُ أتى - صلى الله عليه وسلم - بالسلاح فردَّهُ إلى رفاعة، ولما أتيتُ عمِّي بالسلاح وكان يتحنى شيخًا قد عسى أو عشى في الجاهلية وكنتُ أرى إسلامه مدخولاً فلمَّا أتيتُهُ بالسلاح قال لي: يا ابن أخي: هو في سبيلِ الله فعرفتُ إنَّ إسلامه كان صحيحًا فلمَّا نزل القرآنُ لحق بشيرُ بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعدِ بن سمية، فأنزل الله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى - بَعِيداً} [النساء: ١١٥ - ١١٦]. فلما نزل على سلافة رماها حسانُ بنُ ثابتٍ بأبياتٍ من شعرٍ: فأخذت رحلهُ فوضعتهُ على رأسها، فخرجت فرمت به في الأبطح، ثمَّ قالت: أهديتَ إليَّ شعرَ حسان ما كنتُ تأتيني بخيرٍ. للترمذي (٢).


(١) من: (ب) ..
(٢) الترمذي (٣٠٣٦)، وقال: حديث غريب، وقال الألباني في ((صحيح الترمذي)) (٢٤٣٢): حسن.