للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٧١٢ - أسامة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمارٍ عليه إكاف، تحته قطيفة فدكية، وأردف أسامة، يعود سعد بن عبادةَ في بنى الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدرٍ، فسار حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبى ابن سلولٍ، وذلك قبل أن يسلم، وإذا في المجلس أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم، ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال له ابن أبيّ: أيها

⦗٢٩٥⦘ المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًّاً فلا تؤذينا به في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا، فإنَّا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا، ثم ركب فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له: ((أي سعدُ، ألم تسمع إلى ما قال أبو حبابٍ؟ - يريد ابن أبي - قال: كذا وكذا) فقال سعد: يا رسول الله، اعف عنه واصفح، فوالله الذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه، فيعصبوه بالعصابة، فلمَّا أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله، شرق بذلك، فذلك الذي فعل به ما رأيت، فعفى عنه - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابهُ يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: من الآية١٨٦] وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ

يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٠٩] وكان - صلى الله عليه وسلم - يتأول في العفو ما أمره الله به، حتى أذن له فيهم، فلما غزا بدراً، فقتل الله فيها من قتل من صناديد كفَّار قريشٍ، وقفل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه منصورين غانمين، معهم أسارى من صناديد الكفار وسادة قريشٍ، قال ابن أبىّ ومن معه من المشركين عبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام فأسلموا. للشيخين (١).


(١) البخاري (٤٥٦٦)، ومسلم (١٧٩٨).