٧٩٥٣ - عبد الله الهوزني: لقيت بلالاً بحلب، فقلت: كيف كان نفقة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ما كان له شيء، كنت إلى ذلك منه منذ بعثه الله تعالى إلى أن توفاه، وكان إذا أتاه الإنسان مسلماً فيراه عارياً يأمرني فأنطلق، فأستقرض فأشتري له البردة وأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني يوماً رجل من المشركين فقال: إن عندي سعةً فلا تستقرض من أحد إلا مني، ـ ففعلت، فلما أن كان ذات يوم توضأت، ثم قمت لأؤذن للصلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابةٍ من التجار، فلما أن رآني قال يا حبشي: قلت: يا لباه، فتجهمني، وقال لي قولاً غليظاً، وقال: تدري كم بينك وبين الشهر؟ قلت: قريب قال: إنما بينك وبينه أربع، فآخذك بالذي عليك، فأردك ترعى الغنم، كما كنت قبل ذلك، فأجد في نفسي ما أجد في نفس الناس، حتى إذا صليت العتمة رجع - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، إن المشرك الذي كنت أتدين منه، قال لي كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي ديني، ولا عندي، وهو فاضحي فائذن لي أن آبق إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين أسلموا، حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني، فخرجت حتى أتيت منزلي، فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومجني
⦗٣٣٦⦘ عند رأسي، حتى إذا انشق عمود الصبح الأول أردت أن انطلق، فإذا إنسان يدعو يا بلال، أجب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقت حتى أتيته، فإذا أربع ركائب مناخاتٍ عند الباب عليهن أحمالهن، فاستأذنت، فقال لي:((أبشر فقد جاء الله بقضائك)) ثم قال: ((ألم تر الركائب المناخات الأربع؟)) قلت: بلى، قال:((فإن لك رقابهن وما عليهن، وإن عليهن كسوة وطعاماً أهداهن إلى عظيم فدكٍ، فاقبضهن، واقض دينك))، ففعلت، ثم انطلقت إلى المسجد فإذا فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد، سلمت عليه، فقال:((ما فعل ما قبلك؟)) قلت: قضى الله كل شيءٍ كان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أفضل شيءٍ؟ قلت: نعم، قال: أنظر أن
تريحني منه، فإني لست بداخلٍ على أحد من أهلي حتى تريحني منه، فلما صلى العتمة دعاني فقال:((ما فعل الذي قبلك؟)) قلت: هو معي لم يأتنا أحدٌ، فبات - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، وأقام فيه حتى صلى العتمة يعني من الغد، ثم دعاني فقال:((ما فعل الذي قبلك؟)) فقلت: قد أراحك الله منه، فكبر وحمد الله، وإنما كان يفعل ذلك شفقًا من أن يدركه الموت وعنده ذلك، ثم اتبعته حتى جاء أزواجه، فسلَّم على امرأة امرأةٍ حتى أتى التي عندها مبيته، فهذا الذي سألتني عنه لأبي داود (١) ..
(١) أبو داود (٣٠٥٥)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (٢٦٢٨): صحيح الإسناد.