٨٦٤٣ - عمر: كنت أشد الناسِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فبينا أنا في بعض طرق مكة إذ رآني رجلٌ من قريشٍ، فقال: أين تذهبُ يا ابن الخطابِ؟ قلتُ: أريدُ هذا الرجل، قال: تقولُ هذا وقد ذهبت إليه أختك، فرجعتُ مغضبًا، حتى قرعت عليها البابَ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أسلم بعض من لا شيء له ضمَّ الرجل والرجلين إلى الرجلِ ينفقُ عليه، وكان ضمَّ الرجلين إلى زوج أختي، فقرعتُ البابَ، فقيل من هذا؟ قلتُ: عمرُ، وقد كانوا يقرءون كتابًا في أيديهم، فلمَّا سمعُوا صوتي قاموا، حتى اختبئوا في مكانٍ وتركوا الكتاب، فلمَّا فتحت لي أختي، قلت: يا عدوة نفسها صبوت، فأضرب رأسها، فبكت وقالت: يا ابن الخطاب اصنع ما كنت صانعًا، فقد أسلمتُ، فذهبتُ فجلست على السرير إذا الصحيفة، فقلتُ: ما هذه الصحيفةُ. فقالتْ: دعنا عنك فإنِّك لا تغتسلُ من الجنابة ولا تتطهر، وهذا لا يمسُّه إلا المطهرون، فما زلتُ بها حتى أعطتنيها، فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، فلمَّا قرأتُ، الرحمن الرحيم تذكرت من أين اشتقَّ، ثم رجعتُ إلى نفسي فقرأت {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} حتى بلغ {آمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه}[الحديد: ١ - ٧].
قلتُ: أشهدُ أنْ لا إله إلا الله وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، فخرجَ القومُ مبادرين فكبَّروا واستبشروا، ثم قالوا: أبشر يا ابن الخطابِ فإنَّ النبيَِّ - صلى الله عليه وسلم - دعا يومَ الإثنينِ: اللهمَّ أعزَّ الدين بأحبِّ الرجلينِ إليك عمرِ بن الخطابِ وأبي جهلِ بن هشامِ، وإنا نرجو أن تكونَ دعوةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لكَ، فقلتُ: دلوني على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أين هو؟ فلمَّا عرفُوا
⦗٥٠٢⦘ الصدقَ دلوني عليه، فجئتُ حتى قرعتُ البابَ، فقال: من هذا؟ قلتُ: عمرُ، وقد علموا شدَّتي عليه، ولم يعلموا بإسلامي، فما اجترأ أحدٌ منهم أن يفتح لي، حتى قالَ لهم:((افتحوا له، فإن يرد الله به خيرًا يهده))، ففتحَ لي، فأخذ رجلانِ بعضديَّ حتى دنوتُ منه - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ لهم:((أرسلوه)) فجلستُ بين يديه، فأخذ بمجامع قميصي، ثم قال:((أسلِّم يا ابن الخطابِ اللهمَّ اهده))، فقلتُ: أشهدُ أن لا إله إلا الله وأنك رسولُ الله، فكبرَّ المسلمونَ تكبيرةً سمُعت في طريقِ مكةَ وقد كانوا سبعينَ قبل ذلك، وكان الرجلُ إذا أسلم فعلم به الناسُ يضربونه ويضربُهم، فجئتُ إلى رجلٍ فقرعتُ عليه البابَ فخرجَ إليَّ، فقلتُ: أعلمتَ أني صبوتُ؟ فقالَ: لا تفعلْ ودخلَ البيتَ فأجاف البابَ دوني، فذهبت إلى آخرَ، فقلتُ له: وقال: مثل ذلك وأجافَ البابَ دوني، فقلتُ: ما هذا بشيء، فقال لي رجلٌ: أتحبُّ أن يُعلم إسلامُك؟ قلتُ: نعم، قال: إذا جلس الناسُ في الحجر فأت فلانًا فقل له فيما بينك وبينه أشعرتَ أني صبوتُ؟ فإنه قلمَّا يكتمُ شيئًا ففعلتُ ذلك، فقامَ الرجلُ فنادي بأعلى صوتهِ ألا إنَّ عمرَ قد صبأ، فثار إليَّ الناسُ فما زالوا يضربونني وأضربُهم حتى أتى خالي، فقيل له: إنَّ عمرَ قد صبأ، فقام على الحجر فنادى: ألا إني قد أجرتُ ابن أختي فانكشفوا عني، فكنتُ لا أشاءُ أن أرى أحدًا من المسلمين يُضربُ إلا رأيتُه، فقلتُ: ما هذا
بشيء إن الناسَ يُضربون ولا أُضرب، فلما جلس الناسُ في الحجر جئت إلى خالي، فقلتُ: جوارك عليك رد، فقال لا تفعل، فأبيتُ فمازلتُ أضربُ وأضربُ حتى أظهر الله تعالى الإِسلامَ. للبزار بضعف (١).
(١) البزار كما في ((كشف الأستار)) (٢٤٩٣)، وقال الهيثمي ٩/ ٦٣ - ٦٥: رواه البزار، وفيه: أسامة بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف.