للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل ذلك أحاديث أهل البدع، فهذا القسم والذي قبله وإن لم أقف على من يقول أنهما من جملة الشبهات فهما عندي من أعظمها، لأن أقل أحوال الحديث الضعيف لعلة من تلك العلل أن يكون مشكوكا فيه، ومثله الشك في الإباحة.

وقد ثبت في الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه أنه قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "ومن اجترأ على ما شك فيه من الإثم، أو شك أن يواقع ما استبان" (١).

فالحاصل أن المشتبهات التي قال فيها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "والمؤمنون وقافون عند الشبهات" هي أقسام:

الأول: ما تعارضت أدلته ولم يظهر الجمع ولا الترجيح، وهذا بالنسبة إلى المجتهد.

القسم الثاني: ما اختلف فيه العلماء على وجه يوقع الشك في قلب المقلد، لا ما كان قد اتفق عليه جمهور أهل العلم، وشذ فيه المخالف على وجه لا يكون لخلافه تأثير في اعتقاد المقلد، وهذا القسم إنما يكون في المقلد كما سبق.

القسم الثالث: بعض المباح، وهو ما يكون في بعض الأحوال ذريعة إلى الحرام، أو وسيلة إلى [١٥] ترك الواجب، أو مجاوزا لواحد منهما على وجه يكون الإكثار منه مفضيا إلى فعل الحرام، أو ترك الواجب ولو نادرا. وهذا يكون من الشبهات للمقلد والمجتهد، لكن المجتهد يعرف كونه مباحا، ووسيلة إلى فعل محرم أو ترك واجب بالدليل، والمقلد يعرف ذلك بأقوال العلماء.


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٠٥١).