للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم الرابع: المكروهات بأسرها؛ فإنها مشتبهات بالنسبة إلى المجتهد، وبالنسبة إلى المقلد بالاعتبارين المذكورين في القسم الثالث.

القسم الخامس: ما حصل الشك في كونه مباحا أم لا.

القسم السادس: ما ورد في النهي عنه حديث ضعيف.

وهذان القسمان كما يكونان شبهة للمجتهد يكونان أيضًا شبهة للمقلد بتنزيل شك إمامه بمنزلة شكه، وبتنزيل الرواية الضعيفة عن إمامه بمنزلة الرواية الضعيفة في الحديث بالنسبة إلى المجتهد. وقد تقدم الوجه لكل واحد من هذه الصور التي فسرنا بها المشتبهات.

ومن جملة ما يكون بمنزلة الحديث الضعيف باعتبار المجتهد القياس (١) إذا كان بمسلك من المسالك التي لم يقل بها إلا بعض أهل العلم، وكثر النزاع فيها تصحيحا، وإبطالا، واستدلالا، وردا، فإنه إذا اقتضى مثل هذا القياس تحريم شيء مثلا، وكان المجتهد مترددا في وجوب العمل بهذا المسلك فلا ريب أن ذلك التحريم الثابت به من جملة الشبهات وكذلك التحليل الثابت به على التفصيل الذي قدمنا، فإذا كان الاحتياط في الترك فهو الورع، وإن كان الاحتياط في الفعل فكذلك. ومثل ذلك الأحكام المستفادة من التلازم، ومن الاستحسان لضعفهما، والأحكام المستفادة من بعض المفاهيم كاللقب، والأحكام المستفادة من تعميم بعض الصيغ التي وقع النزاع في عمومها، كالمصدر المضاف.

وبالجملة، فالعالم المحقق العارف بعلوم [١٦] الاجتهاد لا يخفى عليه الفرق بين الأحكام المأخوذة من المدارك القوية، والأحكام المأخوذة من المدارك الضعيفة، فهذا الذي ذكرناه يلحق بالقسم السادس، فكانت الأمور المشتبهة منحصرة في هذه الأقسام التي ذكرناها، ومن أمعن النظر وجد ما عداه لا يخرج عن كونه إما من الحلال البين، أو الحرام البين، فاحرص على هذا التحقيق؛ فإنه بالقبول حقيق، وما أظنك تجده في غير


(١) انظر "إرشاد الفحول" (ص ٧٣٦). "تيسير التحرير" (٤/ ١٠٣). "المسودة" (ص ٣٩٩).