للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعراقية (١) (المقاربة) البنيامينية: فرقة متشعبة من طائفة العنانية (القرائين) وهم أتباع بنيامين بن موسى النهاوندي الفارسي (٨٣٠ - ٨٦٠ م) الذي نادى بتعاليمه في أوائل القرن التاسع الميلادي، وهي في جملتها مستمدة من تعاليم (عنان) مع بعض المسائل التي خالفه بها متأثرًا بالمعتزلة والفلاسفة فقد قرر لأتباعه أن النصوص المتشابهات في التوراة كلها مؤولة، فجعل الله روحانيًّا، ومن النقص في حقه أن يتصل بالماديات إلى حد أنه أنكر أن يكون الله قد تولى عملية الخلق في صورة مباشرة، وبأن الله خلق الملائكة- وهم كائنات روحية- ليتولوا خلق هذا العالم المادي، كما قرر بنيامين بأن الله لا يوصف بأوصاف، ولا يشبه شيئًا من المخلوقات ولا يشيبه شيء منها، وبأن كل ما في التوراة وسائر الكتب من وصف الله تعالى بالكلام والاستواء ونحوه فإن المراد بذلك الوصف ملك عظيم خلقه الله وقدمه على جميع الخلائق واستخلفه عليهم.

ويبدو لنا أن بنيامين كان متأثرًا أيضًا بعقائد فرقة (المقاربة) أو أصحاب المغار وقد انضم إلى نحلة بنيامين عدد كبير من القرائين، وعظمت مكانته بين أتباعه حتى رفعوه إلى مرتبة عنان، وقد عرف أتباعه باسم (المقاربة أو المقاربت). -

أما أصحاب المغار أو الكهوف (المقاربة) هذه الطائفة قد انقرضت في القرن الأول الميلادي- نقلاً عن العالم القرائي القرقشاني- وبأنهم كانوا يحفظون كتبهم في كهوف التلال المحيطة بفلسطين، ومن أبرز الاختلافات العقائدية بينهم وبين بقية المجتمع اليهودي هو اعتقادهم بتنزيه الإله وعدم اختلاطه بالمادة، ورفضوا القول بأن العالم خلق مباشرة بواسطة الله، ولكنه خلق بواسطة وسيطة (وهو الملك) مسئول عن الخلق، وحل محله الإله في العالم المخلوق، ونسبوا الشريعة والاتصال الإلهي إلى الملك وليس إلى الله عز وجل ويرى بعض المؤرخين بأن هذه الطائفة هي الفرقة المعروفة باسم (الأسينيين) نظرًا لتشابه عقائدها وتاريخ انقراضها.

انظر: «الملل والنحل» (١/ ١٧ - ١٨)، «دائرة المعارف اليهودية» (١٤/ ١٠٨٨).%،


(١) العراقية: تعمل رءوس الشهور بالأهلة وآخرون يعملون بالحساب.
«الخطط» للمقريزي (٢/ ٤٧٩).%، ومقاربة