للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أبيه بأسًا وغير ذلك.

أقول: لا ينكر أحد من أهل العلم أن زنا أبي سفيان كان في أيام جاهليته (١) قبل أن يسلم، فإذا لم ير ابنه بأسًا بذلك الزنا فلكونه في الجاهلية، ومع هذا فقد نعى الناس على معاوية ما وقع منه، أما من جهة كونه مخالفًا للشرع فالأمر أشهر من ذاك.

وأما من جهة كونه لم يستنكف عن نسبة ذلك إلى أبيه فقد قيلت فيه الأشعار، ونعاه عليه قرابته فضلاً عن غيرهم، ومما قيل في ذلك من الأشعار قول يزيد [٢أ] بن مفرغ (٢)


(١) انظر التعليقة السابقة.
(٢) هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ ولقب جده مفرغًا؛ لأنه راهن على سقاء لبن أن يشربه كله فشربه كله حتى فرغه فلقب مفرغًا. ويكنى أبا عثمان، وهو من حمير.
قالوا: إن ابن مفرغ هجا زيادًا وبني زياد بما هتكه في قبره، وفضح بنيه طول الدهر، وتعدى ذلك إلى أبي سفيان، فقذفه بالزنا وسب ولده.
وقال عمر بن شبة في خبره، جمع عباد بن زياد كل شيء هجاه به ابن مفرغ وكتب به إلى أخيه عبيد الله وهو يومئذ وافد على معاوية فكانت هذه الأبيات ضمن ما كتب.
فدخل عبيد الله بن زياد على معاوية فأنشده هذه الأشعار، واستأذنه في قتله فلم يأذن له وقال: أدبه أدبًا وجيعًا منكلاً، ولا تتجاوز ذلك إلى القتل.
" الأغاني " (١٨/ ٢٦٥ - ٢٦٦)، " الشعر والشعراء " لابن قتيبة (١/ ٣١٩).