للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما ادَّعاه من الإحاطة .... والله أعلم

قوله ـ طاب ذكره ـ: وفي شموس العلوم (١) جيحونُ اسمُ نهرِ بلخٍ فطابقَ ما في القاموس لأن خوارزمَ من خراسانَ.

أقول: تبايُنُ الكلامينِ ظاهرٌ لأن الذي في القاموسِ أنه نهرٌ بخوارزمَ، والذي في شمس العلوم أنه نهر بلخٍ، خوارزم غيرُ بلخٍ قطعًا. وكونُ القطرينِ يشملُهما اسمُ خراسانَ لا يفيدُ في ذلك شيئًا، كما لو قال قائل: قصرُ غمدانَ بصنعاءَ، وقال آخر: قصرُ غمدان بذمارٍ، وصرْنا إلى أن القولينِ متَّفِقانِ، لأن المحلَّين من اليمنِ لما كان شيئًا يعتدُّ به، وإنما كان يحصلُ التطابُقُ لوقوع في كلام صاحبِ شمس العلوم أنه نهرٌ بخراسانَ، وخراسانُ يشملُ بلخَ وخوارزمَ كما أفاده المجيبُ.

على أن ما نقل عن صاحب كتاب المسالكِ والممالكِ ينافي القولَ بأنَّ خوارزمَ من خراسانَ، حيثُ قال: ثم يخرجُ من بلادِ خراسان ويجري بين بلاد خوارزمَ، فجعلَه خارجًا من بلاد خراسانَ جاريًا بين بلاد خوارزمَ، فلو كانتْ خوارزمُ من خراسانَ لما صحَّ أنه خارجٌ عن بلاد خراسانَ حال كونِه جاريًا في بلاد خوارزمَ، التي هي منها، وهو ظاهرٌ، ويؤيِّده قولُ الشيخُ مُحيي الدين النووي في شرح صحيح مسلم (٢) عند الكلام على الحديثِ (٣) المذكورِ. وأما جيحونُ بالواو فنهرٌ وراءَ خراسانَ عند بَلْخٍ، وظاهر هذا أنه ليس في خراسانَ.

بقي هاهنا سؤالٌ، وهو أنه ورد في الحديث (٤): «نهرانِ مؤمنان، ونهرانِ كافرانِ،


(١) تقدم ذكره.
(٢) (١٧/ ١٧٦ ـ ١٧٧).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.