والحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على سيدنا محمد الأمين وآلِه الطاهرينَ.
قال ـ كثر الله فوائده ـ فيه بحثٌ، وهو أنه قد ثبتَ اشتراكُ هذا الاسم ... إلخ.
أقول: مجردُ الاشتراكِ لا يمنعُ تعيينُ المراد بالقرائنِ، وقد صرَّح بهذا أهلُ الأصول (١) وغيرُهم. وهاهنا قرينتانِ تصلحُ كلُّ واحدة منهما لتعيين المراد:
الأولى: أن الماءَ الذي لبني تميم، والنهرَ الذي حفرَه البرامكةُ لا يقول عاقلٌ فضلاً عن عالم أنّه يصحُّ تفسيرُ سيحانَ الذي هو نهرٌ من أنهار الجنة بأحدِهما، إذ المرادُ بقولهم: ماءٌ لبني فلان أنّه نهرٌ يستقونَ منه دونَ غيرهم كما نراه ونشاهده في الأنهارِ الصغيرةِ المختصَّةِ بأهل قريةٍ دون قريةٍ، وقوم دون قومٍ، ويبعد كلَّ البعد عقلاً وعادةً أن يخصَّ اللهُ بهذا النهر الذي من أنهار الجنةِ فخذًا من أفخاذِ العربِ، وقريةٍ من قراهم دون سائرِ عبادِه، بعد إخبار رسوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ بذلك وندائه في الناس أن هذا النهرَ خارج من الجنةِ ينتفع به العبادُ، وتختص به طوائف منهم. وما لماء بني تميم ولهذا، وأين يقع من سيحان الجنة.
وأما النهرُ الذي حفرَه البرامكةُ فكل أحد يعلم أنه لا يصحُّ تفسيرُ ما وقع في لفظ النبوةِ به، وبطلانُ ذلك غيرُ محتاجٍ إلى تطويلٍ، فإن النبيَّ ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ أخبر عن شيء موجودٍ بين ظهراني العبادِ في هذه الأرض، لا عن شيء ستحفره طائفةٌ من مسلمةِ المجوس بعد مائةٍ وسبعينَ سنةً من الهجرةِ، فهذه القرينة الأولى المفيدة لتعيين المشتركِ.
القرينة الثانية: أنه قد تقرر أن صاحبَ النهاية وغيرَهُ ممن يتكلَّم في تفسير الحديثِ