للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواحد بأي زمان كان، وإن كثر عدده كما يستلزم تناهيه فهو أيضًا يستلزم تناهي الأحقاب.

الجواب الثالث: أن المعنى أفم يلبثون في النار أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا. ذكر معناه الزجاج (١)، وتقريره أن هذه الأحقاب التي يلبثونها في النار هي توقيت لنوع من العقاب، وهو كونهم لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، ثم يعذبون بعد انقضاء هذه الأحقاب بغير ذلك من العذاب.

ويجاب عن هذا بان ذلك إنما يتم إذا كانت جملة لا يذوقون قيدا لقوله {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (٢) وهو ممنوع. وأقل الأحوال الاحتمال، ولا تقوم [٦أ] الحجة [لمحتمل] (٣).

الجواب الرابع: أن لو سلمنا دلالة هذه الآية على التناهي فهي دلالة مفهوم، وهى لا تنته على معارضة ما ورد من تأييد الخلود.

ويجاب عنه بأن هذا الذي ورد في تأييد الخلود إن كان ما في الآيات كمثل خالدين، وكمثل أبدا، فقد تقرر عند أهل اللغة (٤) أفما يدلان على اللبث الطويل، لا على عدم التناهي، وإن كان بغيرهما فما هو؟.


(١) في " معاني القران وإعرابه " (٥/ ٢٧٣): قال: ولابثين، يقال: لبث الرجل فهو لابث، ويقال هو لبث. مكان كذا أي صار اللبث شأنه والأحقاب واحدها حقب، والحقب ثمانون سنة، كل سنة اثنا عشر شهرا وكل شهر ثلاثون يوما، وكل يوم مقداره ألف سنة من سني الدنيا، والمعنى أفم يلبثون أحقابا لا يذوقون في الأحقاب بردا ولا شرابا وهم خالدون في النار أبدا كما قال عز وجل: {خالدين فيها أبدا}
(٢) النبأ:٢٣
(٣) في (ب) بمحتمل
(٤) تقدم ذكر ذلك.