للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لغيرها، ولا اعتبار بما سواها، وأفضى ذلك إلى الجبر المحض، والقسر الخالص، فلم يبق لبعث الرسل، وإنزال الكتب كثير فائدة، ولا يعود ذلك على عباده بعائدة، وجاءوا بتأويلات للآيات البينات، فكانوا كالطائفة الأولى في الضلال والإضلال)) (١).

وذكر طائفة ثالثة ويقصد بها الأشاعرة ((توسطت، ورامت الجمع بين الضب والنون، وظنت أنها وقفت بمكان بين الإفراط والتفريط، ثم أخذت كل طائفة من هذه الطوائف الثلاث تجادل وتناضل، وتحقق وتدقق في زعمها، وتجول على الأخرى وتصول بما ظفرت به مما يوافق ما ذهبت إليه و {كل حزب بما لديهم فرحون} [الروم:٣٢] وعند الله تلتقي الخصوم)). (٢)

ثم بين- رحمه الله- مذهب الحق الذي يجب الأخذ به في هذه المسألة بقوله: ((وإن الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة، هو ما كان عليه خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وقد كانوا- رحمهم الله، وأرشدنا إلى الإقتداء بهم، والاهتداء بهديهم- يمرون أدلة الصفات على ظاهرها، ولا يتكلفون علم ما لا يعلمون، ولا يتأولون، وهذا المعلوم من أقوالهم وأفعالهم، والمتقرر من مذاهبهم، ولا يشك فيه شاك، ولا ينكره منكر، ولا يجادل فيه مجادل)) (٣).

وقال- رحمه الله-: ((إن مذهب السلف من الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم، هو إيراد أدلة الصفات على ظاهرها من دون تحريف لها، ولا تأويل متعسف لشيء منها ولا جبر، ولا تشبيه، ولا تعطيل يفضي إليه كثير من التأويل، وكانوا إذا سأل سائل عن شيء من الصفات، تلوا عليه الدليل، وأمسكوا عن القال والقيل، وقالوا: قال الله هكذا، ولا ندري بما سوى ذلك، ولا نتكلف، ولا نتكلم بما لم نعلمه، ولا أذن الله لنا بمجاوزته، فإن أراد السائل أن يظفر منهم بزيادة على الظاهر زجروه عن الخوض فيما لا يعنيه، ونهوه عن طلب ما لا يمكن الوصول إليه إلا بالوقوع


(١) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).
(٢) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).
(٣) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).