للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في بدعة من البدع التي هي غير ما هم عليه، وما حفظوه عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحفظه التابعون عن الصحابة، وحفظه من بعد التابعين عن التابعين)) (١)

وقال- رحمه الله- مقررا لمنهج السلف في الإثبات مع التنزيه: ((إن الآية: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: ١١] يستفاد بها نفي المماثلة في كل شيء، فيدفع بهذه الآية في وجه المجسمة، وتعرف به الكلام عند وصفه - سبحانه- بالسميع البصير، وعند ذكر السمع والبصر واليد والاستواء ونحو ذلك مما اشتمل عليه الكتاب والسنة، فتقرر بذلك الإثبات لتلك الصفات، لا على وجه المماثلة والمشابهة للمخلوقات، فيدفع به جانبي الإفراط والتفريط، وهما المبالغة في الإثبات المفضية إلى التجسيم، والمبالغة في النفي المفضية إلى التعطيل، فيخرج من بين الجانبين وغلو الطرفين أحقية مذهب السلف الصالح، وهو قولهم بإثبات ما أثبته- الله- لنفسه من الصفات على وجه لا يعلمه إلا هو)) (٢).

وقال في قطع الأطماع عن إدراك الكيفية المستنبط من قوله تعالى: {ولا يحيطون به علما} [طه: ١١٠] إنه لم يحط بفائدة هذه الآية، ويقف عندها، ويقتطف من ثمراتها إلا الممرون للصفات على ظاهرها، المريحون أنفسهم من التكلفات، والتعسفات، والتأويلات، والتحريفات، وهم السلف الصالح كما عرفت، فهم الذين اعترفوا- بعدم- الإحاطة، وأوقفوا أنفسهم حيث أوقفها الله، وقالوا: الله أعلم بكيفية ذاته، وماهية صفاته، بل العلم كله له (٣).

وقد اشتد إنكار الشوكاني - رحمه الله - على المتكلمين ومناهجهم، وقرر أن المذهب الحق في الصفات هو إمرارها على ظاهرها من غير تأويل، ولا تخريف، ولا تكلف، ولا تعسف، ولا جبر، ولا تشبيه، ولا تعطيل (٤). وأن هذا المسلك القويم هو


(١) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني. وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).
(٢) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني. وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).
(٣) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني. وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).
(٤) " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " للشوكاني. وهي ضمن هذا القسم- العقيدة- برقم (٣).