للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا في زمانه، فكيف بزماننا الذي رفع الجهل فيه رايته، وأطلت علينا البدع بأعناقها، وأصبح العلماء أندر من الكبريت الأحمر؟ فهذا زمن التشمير لطلب العلم ونثره بين الناس ونشره في الآفاق، لتحيا الأمة، وتهب من غفلتها، وتستعيد مجدها ورفعتها.

قال البغوي: وفضل العلم على العبادة من حيث إن نفع العلم يتعدى إلى كافة الخلق، وفيه إحياء الدين، وهو تلو النبوة (١).

ومن أجل ذلك فضل العالم على العابد لنفعه المتعدي وخيره الفائض للعامة والأمة.

قال أبو حاتم: الواجب على العاقل إذا فرغ من إصلاح سريرته أن يثني بطلب العلم والمداومة عليه، إذ لا وصول للمرء إلى صفاء شيء من أسباب الدنيا إلا بصفاء العلم فيه، وحكم العاقل أن لا يقصر في سلوك حالة توجب له بسط الملائكة أجنحتها رضاً بصنيعه ذلك.

ولا يجب أن يكون متأملاً في سعيه الدنو من السلاطين، أو نوال الدنيا به، فما أقبح بالعالم التذلل لأهل الدنيا! (٢).

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي، فكان كثير المذاكرة له، فسمعت أبي يوماً يقول: ما صليت اليوم غير الفريضة، استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي (٣).

وقال ابن هانئ: قلت للإمام أحمد: أيهما أحب إليك: أجلس


(١) شرح السنة ١/ ٢٧٨.
(٢) روضة العقلاء ص ٣٣.
(٣) السير ١١/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>