للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخي المسلم:

لاشك أن الأصل في الإنسان الجهل وعدم المعرفة؛ قال الله تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} (١).

واكتساب العلم لا يمكن أن يحصل بين عشية وضحاها، ولا يمكن أن يصبح الإنسان عالماً بين ليلة وأخرى، بل لابد من السعي والصبر وتحمل الأسفار، وثني الركب في حلق العلم، ومداومة الحفظ والتكرار، ولأن في ذلك جهداً ومجاهدة وصبراً ومصابرة قل من يرد ماءه ويصبر على طول أيامه. ولهذا قل العلماء وكثر الجهال الذين هم موتى بجهلهم وعدم علمهم.

أراد بشر بن الحارث الدخول إلى المقبرة فقال: الموتى داخل السور أكثر منهم خارج السور (٢).

وهذه الكثرة من الأموات نتيجة للجهل وهجر العلم الشرعي، ولذا تسلط عليهم الشيطان بتلبيسه وتدليسه؛ فانتشرت البدع، وهجر العمل، وفتن الناس بعلماء السوء.

قال ابن الجوزي: إن التزود من العلم النافع سبب رئيسي في دفع مكائد الشيطان، وكلما ازداد العبد علماً نافعاً ـ ما يورث خشية الله وتقواه ـ كلما ازداد سلامة من نزغات الشيطان ومكايده، فأنت ترى مثلاً أن أدنى عقبات الشيطان أن شغل العبد بالأعمال المرجوحة والمفضولة عن الأعمال الراجحة والفاضلة. وعلاج ذلك بالفقه في


(١) سورة النحل، الآية: ٧٨.
(٢) صفة الصفوة ٢/ ٣٣٢.

<<  <   >  >>