للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٣٩ - عن سويدِ بنِ غفلةَ قالَ: مَررتُ بقومٍ مِن الشيعةِ يشتُمونَ أبا بكرٍ وعمرَ وينتَقصونَهما، فأتَيتُ على عليِّ بنِ أبي طالبٍ فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنِّي مررتُ بقومٍ من الشيعةِ يشتُمونَ أبا بكرٍ وعمرَ وينتَقصونَهما، ولولا أنَّهم يعلَمونَ أنَّك تُضمرُ على ذلكَ ما اجتَرؤوا عليه، فقالَ عليٌّ: معاذَ اللهِ أن أُضمرَ لهما إلا على الجميلِ، ألا لعنةُ اللهِ على الذي يُضمرُ لهما إلا على المضمر عليه، ثم نَهضَ دامعَ العينِ يَبكي يُنادي: الصلاةُ جامعةٌ، فاجتمَعَ الناسُ وإنَّه لعلى المنبرِ جالسٌ وإنَّ دموعَهُ لتنحدرُ على لحيتِهِ وهي بيضاءُ، ثم قامَ فَخطَبَ خطبةً بليغةً موجزةً، ثم قالَ:

ما بالُ أقوامٍ يَذكرونَ سيدَي قُريشِ وأَبوي المسلمينَ بِما أَنا عنه مُتنزِّهٌ ومِمَّا يَقولونَ بريءٌ وعلى ما يَقولونَ مُعاقِبٌ، فوَالذي فلقَ الحبةَ وبرأَ النَّسمَةَ لا يُحبُّهما إلا كلُّ مؤمنٍ تقيٍّ، ولا يُبغضُهما إلا كلُّ فاجرٍ بَذيءٍ، أَخوا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وصاحِباهُ ووَزيراهُ، يأمُرانِ ويَنيهانِ فما يُغادِران فيما يَصنعانِ رأيَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لا يَرى كرأْيهما رأياً، ولا يُحبُّ كحُبِّهما حُباً، فقُبضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راضٍ، وولَّى أبا بكرٍ الصلاةَ فصلَّى بنا أَياماً على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا قَبضَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم ولَّاهُ المسلمونَ الزكاةَ وليهما لأنَّهما مَقرونَتانِ في كتابِ اللهِ تعالى، فكنتُ أولَ من بني عبدِالمطلب وهو لذلكَ كاره يودُّ لو أنَّ بعضَنا كَفاهُ، فكانَ واللهِ خيرَ مَن يَفي، أَرأفَه رأفةً، وأَرحَمَه رحمةً، وأَنفَسَه ورعاً، شبَّهه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بميكائيلَ رأفةً ورحمةً، وبإبراهيمَ عفواً ووَقاراً، فسارَ فينا بسيرةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فلمَّا قبضَه اللهُ جلَّ وعزَّ صيَّرَ الأمرَ إلى عمرَ، فمِن المسلمينَ مَن رضيَ ومِنهم مَن سخطَ، فكنتُ مِمن رضيَ، فواللهِ ما فارقَ عمرُ الدُّنيا حتى رضيَ به مَن سخطَه، فأعزَّ اللهُ بإسلامِهِ الإسلامَ، وجعلَ هجرتَه للدِّين قواماً، وضربَ اللهُ بالحقِّ على

<<  <  ج: ص:  >  >>