للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو (عالم بِهَا) (١) وَحَاكِمٌ/ بِمُقْتَضَاهَا، لَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَهُوَ/ فِي الْحَقِيقَةِ مُبَلِّغٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمُبَلِّغِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَتَلَقَّى مِنْهُ مَا بَلَّغَ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ بَلَّغَ، أَوْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ بأنه بلغ لا من جهة (أنه) (٢) مُنْتَصِبٌ لِلْحُكْمِ مُطْلَقًا، إِذْ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ لِلشَّرِيعَةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، وثبت ذلك له صلّى الله عليه وسلّم وَحْدَهُ دُونَ الْخَلْقِ مِنْ جِهَةِ دَلِيلِ الْعِصْمَةِ وَالْبُرْهَانُ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَقُولُهُ أَوْ يَفْعَلُهُ حَقٌّ. فَإِنَّ الرِّسَالَةَ الْمُقْتَرِنَةَ بِالْمُعْجِزَةِ عَلَى ذَلِكَ دلت، فغيره لم (تثبت) (٣) لَهُ عِصْمَةٌ (بِالْمُعْجِزَةِ) (٤) (بِحَيْثُ) (٥) (يَحْكُمُ بِمُقْتَضَاهَا) (٦) حَتَّى يساوي النبي فِي الِانْتِصَابِ لِلْحُكْمِ بِإِطْلَاقٍ بَلْ إِنَّمَا يَكُونُ مَنْتَصِبًا عَلَى شَرْطِ الْحُكْمِ/ (بِمُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ) (٧)، بِحَيْثُ إِذَا وُجِدَ الْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ بِخِلَافِ مَا حَكَمَ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا، (إِذَ) (٨) كَانَ ـ بِالْفَرْضِ ـ خَارِجًا عَنْ مُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ الْحَاكِمَةِ، وَهُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَلِذَلِكَ إِذَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي مَسْأَلَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَجَبَ رَدُّهَا إِلَى الشريعة (حتى) (٩) يَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ} (١٠) الْآيَةَ.

فَإِذًا الْمُكَلَّفُ بِأَحْكَامِهَا لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِيهَا، فَحُكْمُهُ مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيهَا، لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي (لَيْسَتْ دَلَالَتُهَا) (١١) واضحة إنما يقع موقعه على


(١) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "عالم وحاكم بها".
(٢) في (ط): "كونه".
(٣) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "يثبت".
(٤) في (م): "بالمعجزة بمقتضاها".
(٥) ساقط من (غ) و (ر).
(٦) ما بين القوسين ساقط من (م) و (غ) و (ر).
(٧) في (م) و (غ) و (ر): "بمقتضاها".
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "إذا".
(٩) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "حيث".
(١٠) سورة النساء: الآية (٥٩).
(١١) في (م): "ليس دلالة". وفي (غ) و (ر): "ليس فيها دلالة".