للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهو سُنَّةٌ أَم لَا؟ وَلَا يَشُكُّ أَحد (١) أَن غَالِبَ الْعَوَامِّ يَعْتَقِدُونَ أَن مِثْلَ هَذِهِ الأُمور مَشْرُوعَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ تَرْكِ الْخَوَاصِّ الإِنكار عَلَيْهِمْ.

وَكَذَلِكَ أَيضاً: لمَّا لَمْ يُتَّخَذِ النَّاقُوسُ للإِعلام، حَاوَلَ الشَّيْطَانُ فِيهِ بِمَكِيدَةٍ أُخرى؛ فَعُلِّق بِالْمَسَاجِدِ، واعتُدَّ بِهِ فِي جُمْلَةِ الْالَآتِ الَّتِي تُوقَدُ عَلَيْهَا النِّيرَانَ، وتُزخرف بِهَا الْمَسَاجِدُ، زِيَادَةً إِلى زَخْرَفَتِهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا تُزَخْرَفُ الْكَنَائِسُ والبِيَع.

وَمِثْلُهُ: إِيقادُ الشَّمعِ بجبل عرفة (٢) لَيْلَةَ الثَّامِنِ (٣)، ذَكَرَ (٤) النَّوَوِيُّ أَنها مِنَ الْبِدَعِ الْقَبِيحَةِ، وأَنها ضَلَالَةٌ فَاحِشَةٌ جُمِعَ فِيهَا أَنواعٌ مِنَ الْقَبَائِحِ؛ مِنْهَا: إِضاعة الْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ، وَمِنْهَا: إِظهار شَعَائِرِ الْمَجُوسِ، وَمِنْهَا: اخْتِلَاطُ الرِّجَالِ والنساءِ، وَالشَّمْعُ بَيْنَهُمْ، وَوُجُوهُهُمْ بَارِزَةٌ، وَمِنْهَا: تقديم دخول عرفة قبل وقتها المشروع (٥). انتهى.

وَقَدْ ذَكَرَ الطَّرْطُوشِيُّ (٦) فِي إِيقاد الْمَسَاجِدِ فِي رَمَضَانَ بَعْضَ هَذِهِ الأُمور، وَذَكَرَ أَيضاً قَبَائِحَ سِوَاهَا.

فأَين هَذَا كُلُّهُ مِنْ إِنكار مَالِكٍ تَنَحْنُحَ (٧) المؤذِّن، أَو ضَرْبِهِ الْبَابَ ليُعْلِمَ بِالْفَجْرِ، أَو وضعَ الرداءِ (٨)، وَهُوَ أَقرب مَرَامًا وأَيسرُ خَطْباً؟ فمن هنا


(١) قوله: "أحد" ليس في (ت).
(٢) في (ت) و (خ) و (م): "إيقاد الشمع بعرفة".
(٣) كذا! والمعروف ليلة التاسع، وهي ليلة عرفة؛ كما ذكره النووي في الموضع الآتي ذكره.
(٤) في (غ): "ذكره".
(٥) انظر: "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" للإمام النووي صفحة (٢٩٥).
(٦) في كتابه "الحوادث والبدع". (ص١٠٣) فما بعد، لكن لم أر له كلاماً عن إيقاد المساجد، وإنما تكلم عن بدع المساجد.
(٧) في (خ): "لتنحنح" وفي (م): "تنحنحن".
(٨) تقدم إنكار مالك صفحة (٤٠٨ ـ ٤٠٩).