وهذا كما فسره. إلا أن قوله: أواخرها الأعالي مما يجب أن يوضح غرضه فيه. وذلك إنه يريد: أن ثيابه الأعالي هي أواخر ما يلبس، إذا كانت أوائلها هي التي تلي جسده. وهذا من قول الفلاسفة: أول الفكر آخر العمل، وآخر العمل أول الفكر. وإن تأويلها متأول لأنها أعلى محلا في عيون الناس وأبهى. وهكذا يلبس الملابس ابهاها، وارفعها مظاهراً به كان جيداً. وقد قال الشيخ أبو عبد الله النميري رحمه الله في تأويل قول الشاعر في كتاب الحماسة:
إنه خص الأنياب العلا، لأنها هي التي تظهر منها إذا ابتسمت أو تكلمت. وقال هذا كقول الآخر:
إذا ضحكت شبهت أنيابها العلا ... خنافس سوداً في صراة قليب
وقال آخر فسر هذا البيت في كتاب الحماسة يعرف بابي مسلم الولادي: إنه إنما قال: العلا لأن العرب تذكر بعض الشيء تريد كله. فمعنى أنيابها العلى، أنيابها كلها. كما قال عروة:(قطعتها بيدي عوهج) وإنما تقطع الفلاة بيديها ورجليها.