ولولا هذا الفرض لقال: ولا يصاحبك فترضى. فتأمل ما ذكرت فهو دقيق بوضحه الغوص والفكر.
وقوله:
ظلوم كمتنها لصب كخصرها ... ضعيف القوى من فعلها يتظلم
يعني أن متنها قوي ممتلئ، وخصرها نحيف دقيق. فهي تظلم العشاق، كما يظلم متناها خصرها. وظلمهما له انهما تكلفان خصرها الدقيق حملها وهما قويان وذاك ضعيف كخصرها. قوله: من فعلها يتظلم زيادة في البيت ليست بتلك الجيدة وإنما توصل بها إلى القافية. ولو استغنى عنها لكان أوفق للبيت. وفيه أيضاً نظر آخر. وذلك أن العادة جرت بأن يوصف العجز بالكبر. والخصر بالضعف والتطبيق بينهما في الشعر. ولو قال: ظلوم كردفها لكان أولى. ولكنه لم يستقم له الوزن. وقلما سمع الشعراء يذكرون في الشعر قوة متن المحبوب، بل يذكرونه بالهيف، ورشاقة الأعلى، مع وثارة الكفل. فيقولون: غصن على نقاء وما أشبهه. فتأمل فهو من ضعيف شعره. وأخذه من قول خالد الكاتب:
صباً كئيباً يتشكى الهوى ... كما اشتكى نصفك من نصفكا