من هذا المعنى مشتق. وإن كان من غير قبيله فتأمله. وقد أوضح هذا المعنى بقوله بعده:
ولقد رأيت الحادثات فلا أرى ... يققاً يميت ولا سوداً بعصم
وأعرف تباين هذا البيت من بيت أبي تمام:
طال إنكاري البياض ولو عمرت ... شيئاً أنكرت لون السواد
فإنه ينكر لون السواد لشيخوخته واستيلاء البياض عليه. وهذه يردعها الأسحم لأنه دليل الشيخوخة. ويحب البياض لأنه اللون الأول لون الشباب.
وقوله:
عيون رواحلي إن حرت عيني ... وكل بغام رازحة بغامي
قال أبو الفتح: سألته عن معنى هذا البيت فقال: معناه إن حارت عيني فعيون رواحلي عيني، وبلغمهن بغامي. أي إن حرت فأنا بهيمة مثلهن. كما تقول: إن فعلت كذا وكذا فإنك حمار، وأنت بلا حاسة. هذا ما ذكره. ولكن يزيده وضوحاً إن قال قائل فما يضر أن تحير رجل ركب المفازة فتاة. وليس الجهل بالدلالة في المفازة مما يذم به. فالجواب أن يريد إنه بدوي ومع ذلك فأني عارف بدلالات النجوم بالليل، والعلم بها من علم الأنواء وأبواب الأدب فلذلك أفتخر به، وبذلك على ذلك قوله: وكل بغام رازحة بغامي يريد بذلك أني فصيح شاعر عارف بالمنطق. وهكذا يقول الفصيح إذا اقسم يقول: أنا أعجمي إن لم أغلبك