للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(إلا) وجب عليه أن يبين على أي وجهٍ هي في يده. وذاك أن الممدوح قاضٍ فمدحه بما يضاهي القضاء. فجعل المكارم كالأيتام وجعلها في حجره لما مات عنها الكرم الألى بادوا. فكلما عرضت له الأيتام بدا بالمكارم ولما لم يتأت له لفظ المكارم أقام المجد والمنن مقامهما، لأنها في معناها وليقم القافية والوزن. وترك همزة بدأ. وقد مضى مثله في هذا الكتاب من شعره. وقوله: عند الفرض والسنن مما يظهر ذلك لك ويوضحه. ولا معنى حجر اليتيم لما أجدى قوله عند الفرض والسنن. يريد القوها عليه عند موجات الفرض والسنن. لان كفالة اليتيم، ووكالته من الفروض. وهذا من حذقه بالمدح، وجودة تصرفه في المعاني.

وقوله:

قد صيرت أول الدنيا أواخرها ... آباؤه من مغار العلم في القرن

قال الشيخ أبو الفتح: هذا مثل ضربه، أي قد ضبطوا العلم، وقيدوا الأحكام والشرائع. وهذا على ما قاله. غير إنه لم يعرفنا أي العلوم يعني. وإنما مدحهم برواية الحديث. يعني أنهم ضابطون للأيام، عارفون بالأخبار. يدللك على ذلك قوله بعده:

كأنهم ولدوا من قبلِ أن ولدوا ... أو كان فَهمُهمُ أيامَ لم يكن

<<  <   >  >>