فينبغي لمن أراد التخلص من هذا، أن يروض نفسه، حتى يرى بنور اليقين الأشياء كلها مستوية، بمعنى أنها خلق الله تعالى، ثم يرى المنازل التي أنزلها الله تعالى، فبإنزاله إياها لها تلك المنزلة موافقة له، ولو شاء جعل المنفعة التي في الذهب، في الزجاج وفي الحجر، ولكان الذهب ساقط المنزلة عن القلوب، ألا ترى أن عمر رضي الله عنه أراد أن يتخذ الدراهم من جلود البقر.
فإنما ينبغي لك أن تفضل عندك شأن الدينار والدرهم، بما أنزل الله لا بهواك، ألا ترى لو أن رجلاً أتى سمرقند بعض هذه الكور التي تجوز فيها هذه الفلوس، كان للفلوس عنده قدر، إن افتقدها حزن، وإن وجدها فرح؛ فإذا تحول إلى كورة لا تجوز فيها تلك الفلوس، فلو رمى بها لم يبال؛ فهذا مما يدلك أن الذهب إنما عظم موقعه من القلوب لعظم منفعته، بأنه صار ثمناً للأشياء، فمن أجل ذلك بغض الله تعالى كثيراً من الناس من أجل أنهم رأوا منفعة الأشياء من الدينار والدرهم، لا من الله عز وجل.
فينبغي لك أن تروض نفسك وتفطمها عن هذه الأشياء، حتى يصفوا قلبك، ويسير باليقين، حتى ترى الدينار