الشرف، وذياداً عنه أن يُبذَل أو يُذال. فقد حَدثوا أن عمر بن هند ملك العرب قال لجلسائه: تعلمون أحداً تأنف أمه أن تخدُم أمّي؟ فقالوا: نعم! ليلى بنت مهلهل، لأن أباها مهلهل بم ربيعة، وعمها كليب وائلٍ أعزُّ العرب، وبعلها كلْثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو بن كلثوم سيد قومه، وليث كتيبتهم. فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ويسأله أن يزيز أمّهُ أمّهُ، فأقبل عمرو من الجزيرة في جماعته من بني تَغلب، وأقبلت ليلى في ظُعٌنٍ من قومها. وأمر عمرو بن هند
برواقه فضربه فيما بين الجزيرة والفرات وأرسل إلى وجوه أهل مملكته فحضروا. ثم دخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في رواقه، ودخلت ليلى وهند في قبة واحدة. وقد كان الملك أمر أمه أن تُنَحَّى الخدم إذا دعا بالُّطرف وتستخدم ليلى! فدعا عمر بمائدته، ثم دعا بالطرَف. فقالت هند: ناولني يا ليلى هذا الطبق. فقالت ليلى: لِتَقْم صاحبة الحاجة إلى حاجتها! فأعادت هند ما طلبت، وألَحّت في ذلك وأكثرت. فصاحت ليلى: واذلاه! يا لَتَغْلِب! فسمعها عمروا ابنها فانتفض انتفاضة المحموم وقال: لا ذل لتغلب بعد اليوم! ثم نظر إلى سيف معلق بالرواق ليس هناك غيره. فاخترطه وصدع به رأس عمرو. ونادى بعد ذلك في بني تغلب فانتبهوا ما في الرواق. واستاقوا نجائب الملك. ففي ذلك يقول عمرو معلقته وفيها يقول:
أبا هند فلا تعجل علينا ... وأنظِرنا نُخَبَّرْك اليقينا
بأنّا نورِد الرايات بِيضا ... ونصْدِرُهُنّ حُمْراً قد رَوينا