للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس أمثلُ بذلك ولا أدلّ عليه من قولهم فيما سار من أمثالهم:

إن النساءَ شقائق الأقوام

يريدون بذلك أنّ نساءهم في سواء رجالهم فلا فضل فيهم لامرئ على امرأة. بل لقد كان للمرأة فرط من الكرامة، وحرمة الكلمة ما لم يستشرف له الرجال على هول قوّته، ومضاء عزيمته، ولقد عقدت فتاة من العرب أمانا لرجل فلم يستطيع ملك العرب وجبارها أن ينقضه أو يبلغ منه.

وبيان ذلك فيما حدّثوا أن مَروان القَرَظ بن زنباع بكر بن وائل فقَصُّوا أثر جيشه فأسَرَه منهم وهو لا يعرفه فأتى به أمَّه فلما دخل عليها قالت له: إنك لتختال بأسيرك كأنك جئت بمروان القرَط. فقال لها مروان: وما ترتجين من مروان؟ قالت: عظم فدائه. قال: وكم ترتجين من فدائه؟ قالت: مائة بعير. قال مروان: ذاك لك على أن تؤدّيني إلى خُماعةَ بنت عوف بن مُلحم - وكان مروان قد أسدى إليها يداً فيما سلف من دهرها - فقالت المرأة: ومن لي بمائة من الإبل؟ فأخذ عوداً من الأرض فقال: هذا لك بها. فمضت به إلى عوف بن مُلحم فأجارته ابنته من كل مكروه. وكان مروان قد أساء إلى عمرو بن هند ملك العرب وطاغية الحبرة فأقسم عمرو لا يعفو عنه حتى يضع يده في يده. فلم علم بمستقره من عوف أرسل إليه ليأتيه به. فقال عوف: قد أجارته ابنتي وليس إليه من سبيل. فقال عمرو: قد آليت ألاَّ أعفو عنه أو يضع يده في يدي. قال عوف: يضع يده على يدك على أن تكون يدي بينهما. فأجابه عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>