والاقتبال والقوة، فإذا ولى ذلك عن الإنسان، ولى عيشه، وأدبر، وتنغص عليه وتكدر.
أبَداً تَسْتَرِدُّ ما تَهَبُ الدَّن ... يا فَيَا لَيْتَ جُودَها كَانَ بُخْلاَ
ثم يقول: إن الدنيا مستحيلة متنقلة، متغيرة متبدلة، تسترد هبتها، وتكدر مسرتها، وتعقب البقاء بالفناء، والسراء بالضراء، فليت الحياة التي جادت بكونها، واخترعت الأنفس بحبها، لم تكن واقعة، ولم توجد النفوس إليها ساكنة، وليتها بخلت بما جادت ببذله، ومنعت ما تسرعت إلى فعله.
ثم قال: فكانت تكفي أهلها بذلك، كون فرحة تؤدي إلى غم، ومسرة تئول إلى حزن، وكون خل يؤنس بقربه، وتتأكد البصيرة في حبه، ثم تخترمه المنية، فتغادر الهم خلا للمحزون عليه، وإلفا لذي الوجد المشتاق إليه.