للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرأي العام الغربي أننا أُمَّةٌ همجية وأننا برابرة كما تزعم كثير من الدراسات، وأننا لا نمتلك مقومات حضارية، ولا نمتلك عقلية منطقية، ولا نفكر في المستقبل، هذا كله يمكن أن يؤدي إلى مشكلة في نطاق العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية، والصراع بين الشرق والغرب، لذلك فإن قيامنا بتمثيل أنفسنا هو الحل الأمثل، نحن الذين نطرح فكرنا وديننا وعاداتنا لكنه ينبغي أن نعترف أننا حتى الآن لم نمثل أنفسنا أمام أنفسنا، أقصد لازلنا ندرس الإسلام، ولازلنا ندرس أوضاع المسلمين وندرس شرائح كثيرة تاريخية، وجغرافية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، من خلال الدراسات الغربية والاستشراقية، وأن مناهج جامعاتنا في أرجاء العالم الإسلامي مليئة بمثل هذه الكتب وحتى تلك الكتب التى ألفها عرب لو قارناها بدقة فإننا سنجد أن كثيرًا من الأفكار مترجمة دون عزو عن الاستشراق.

فلا بد إذًا من أن نبني صرحنا الثقافي الفكري الديني بأنفسنا وأن تكون دراستنا مستقلة ذات مناهج مستقلة، ورؤى مستقلة، وأن هذا الذي يطرح لا يكون متأثرًا وغارقًا في بؤرة الاستشراق. أن نمثل أنفسنا أولاً عن طريق بناء الصرح العلمي والرؤى الإسلامية الخالصة المنبثقة عن كتاب الله تعالى وَسُنَّةَ محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أن نعكس هذا على الغرب بترجمات إلى اللغات العالمية المختلفة، لكن الذي حدث أن المستشرقين مثلونا أمام الغرب وبعد أن شَوَّهُوا الصورة تمامًا خلال قرنين من الزمان وعادوا إلى عكس الصورة، فبدل أن يكون الإنشاء يخاطب به الغربي باللغة الألمانية أو الفرنسية أو الإنكليزية صار الخطاب - بعد الترجمة للعربي وللمسلم الذي يقرأ العربية أو بعض اللغات الإسلامية الأخرى - إذن عكس الخطاب الذي شَوَّهَ الصورة أمام الغربي، بحيث قبل أن نُستعمر «لأننا بحاجة إلى الاستعمار، قبِل أن نُخْتَرَقَ لأننا لا نستطيع النهوض بأنفسنا ولئلا نبقى بعيدين عن الحياة الطيبة التي لا بد أن تكون ثمرة من ثمرات الاستعمار وخيراته علينا!!».

<<  <   >  >>