للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تبرؤ الأصحاب والأحباب منك يوم القيامة]

أيها الأحبة: المصرون على الهلاك الذين شقوا في النار لهم فيها زفير وشهيق: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧] من الذي يرد عنك عذاب الله؟ من الذي يحول بينك وبين ملائكة جهنم؟ من الذي يثبت لك الجسر على الصراط حتى تمر عليه مطمئناً؟ من ينفعك: رئيسك؟ قريبك؟ حبيبك؟ أميرك؟ ما ينفعك إلا الله ثم عملك الصالح؛ فتعلق بهذا يا مسكين.

وقال كل خليل كنت آمله لا ألهينك إني عنك مشغول

أمك التي جعلت جوفها لك حواءً، وثديها لك سقاء، وسهرت عليك الليل، وزالت عنك القذى والأذى بيمينها التي تأكل بها تأتيك وتقول: أعندك حسنة يا ولدي؟ {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:١٠١] إذا نفخ في الصور تضيع الأنساب، الأم ما عادت أماً، والأب ما عاد أباً، والزوجة لم تعد زوجة، والقريب لم يعد قريباً: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:١٠١] ما الذي ينفع؟: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [المؤمنون:١٠٢ - ١٠٣] خسروا أنفسهم، ما خسر المال ولا خسر سيارته، ولا خسر وظيفته، بل خسر نفسه، أولئك الذين نسوا الله فنسيهم، خسروا أنفسهم.

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون:١٠١ - ١٠٥] وهذا السؤال لكل مصرٍ على المعصية ولكل مصممٍ على الذنب، ولكل متكبرٍ على التوبة والأوبة والرجوع إلى الله: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون:١٠٥ - ١٠٦] الشقاوة جلساء السوء الشيخ فلان بن فلان في الجمهورية الفلانية العربية يفتي بجواز الربا، وأخذت بفتواه واكتتبت في بنك كذا، اذهب نادي الشيخ بسلامته واجعله يحاج لك عند الله جل وعلا: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [النساء:١٠٩].

الشيخ الذي أفتى الناس بجواز الربا إذا جاء يوم القيامة رب العباد يفصل بينهم ويحاسبهم ولا تخفى عليه منهم خافية يقول: يا ألله! أنا الذي أفتيتهم، لا.

أبداً أنت كنت تعرف أن الشيخ ابن باز أتقى علماء الأرض، وأنت تعرف أن الشيخ ابن عثيمين لا يحابي أحداً، وأنت تعرف أن الشيخ ابن جبرين من أتقى عباد الله الصالحين، نحسبه ولا نزكي على الله أحداً، فما الذي جعلك تترك فتوى الصالحين الأتقياء الأبرار الأطهار الأخيار وتختار فتوى المدخنين وفتوى الذين ربما أفتوا مداهنة للحكام وإرضاء للعوام؟ {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون:١٠٥ - ١٠٦] كانت شطارة ومعلومات صحافة وتحدياً وإمعاناً في العناد، الأصوليون يفعلون، والمتشدقون يتوصلون والذين يفعلون يتركون، وهلم جرا {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ} [المؤمنون:١٠٦] لكن عندنا طلب {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:١٠٧ - ١٠٨].

انتهت القضية فصل الأمر طويت الصحف جفت الأقلام وقف الناس للقضاء {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون:١٠٩ - ١١٠] أولئك المصرون على الهلاك الذين يستهزئون بدين الصحوة، الذين يستهزئون بالذين نوَّر الله وجوههم بالطاعة، وشرَّف الله جباههم بالسجود، وكرم أنوفهم بالركوع، المستهزئ بهؤلاء ولم يتب من المصرين على الهلاك: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون:١٠٩ - ١١٠] تستهزئون بهم تعلقون عليهم (كاريكاتير) زاوية صحفية تنكيت مجالس (مطاوعة) هيئة أمر بمعروف ونهي عن منكر، (مطاوعة معقدون): {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} [المؤمنون:١١١].

لقد كان الاستهزاء يؤذينا، لقد كان (الكاريكاتير) يجرح قلوبنا، لقد كانت الكتابات الصحفية تؤذينا: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون:١١١] هذه النتيجة في الصبر والثبات بإذن الله جل وعلا.