للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شباب أهل ملاهٍ ودخان وشيشة

وطائفة مشغولون بسهر على الدخان والشيشة والنارجيلة، ومكالمات هاتفية، وجلوس بالطرقات، ودوران بالسيارات في الأحياء والشوارع والميادين، وربما كانت هذه الجولات حول الأحداث وقرب المردان، وتجوال للمعاكسات، ورفع أصوات لمزمور الشيطان، وأصوات الغناء، وسهر على شوارع مضاءة، وسهر للعزف والطبل، فترى فئاماً أو جماعات صغيرة من الشباب قد جلسوا وأحدهم بيده الناي، والآخر: العود، والثالث: الطبل، والرابع: الربابة، والخامس: آلة لهو، ثم يجتمعون يجزون هذه الأوتار، ويخاطبون هذه الجلود، وينثرون الآهات على الطريق، وربما سكب بعضهم عبرات شيطانية قد هيج الشيطان أنفاسه، ورفع عواطفه، فسمع صوت أغنية ففاضت عينه من شدة تحكم الهوى والشهوة في نفسه إلى درجة البكاء، ولو ذكر الله لاشمأز ولا حول ولا قوة إلا بالله! بعضهم لو ذكر الله لقست قلوبهم بدلاً من أن تلين وتذعن وتستكين لهذا الخطاب، وصدق ابن القيم رحمه الله فيما ذكر في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، حيث قال عن طائفة من الذين شغفوا وأولعوا بهذا اللهو حتى صرفهم عن ذكر الله والإخبات له قال:

تُلي الكتاب فأطرقت أسماعهم لكنه إطراق ساه لاهي

وأتى الغناء فكالحمير تراقصوا والله ما طربوا لأجل الله

دف ومزمار ونغمة شادن فمتى رأيت عبادة بملاهي

ثقل الكتاب عليهم

الأمر والنهي، المندوب والمكروه، الواجب، المخاطبة بالأحكام الشرعية التكليفية أصبحت ثقيلة

ثقل الكتاب عليهم لما رأوا تقييده بأوامرٍ ونواهي

لأن كلام الله: افعل لا تفعل، امض لا تمض، واذهب لا تذهب، أمر ونهي.

ثقل الكتاب عليهم لما رأوا تقييده بأوامرٍ ونواهي

ورأوه أعظم قاطع للنفس عن لذاتها يا ذبحها المتناهي

بعضهم من شدة تحكم الهوى في نفسه، يقول: سلني ما بدا لك، واطلبني حاجتك، ومرني بما شئت، إلا اللهو، إلا الغناء، إلا الدف، إلا المزامير، إلا الموسيقى، فهي في دمي ونفسي وروحي، هي نبضة من فؤادي، وخلجة من خلجات نفسي، وقطعة من لحمي، يظن ويؤكد له الشيطان أنه لا يستطيع أن يعيش بدون هذا اللهو وبدون هذا الباطل.