للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إياكم أن تغتروا ببعض أعمال الطغاة]

وإن مما زادني عجباً ودهشةً ما سمعت البارحة أنه وجه بعض الصواريخ إلى إسرائيل، وهذه حركة المذبوح، ليست غيرةً على اليهود، فليس بأهلٍ أن يغار لهم، ولكن أين هذه الصواريخ في اليوم الذي ضربت فيه الكويت؟ لماذا لم تبدأ بها إسرائيل؟ أين هذه الصواريخ في بداية معاركه، أيام تهديده ووعيده؟ ولكن وكان العقلاء يقولون هذا في اللحظة التي لم يبق ولن يبقى معه إلا قليلاً من العدد والعدد سيوجه اثنين أو ثلاثة منها إلى إسرائيل لا حباً في الجهاد، ولا كراهيةً في اليهود، وإنما ليقول الغوغاء والبسطاء والسذج والعامة: انظروا فهذا قائد مخلص، ولكن ما سبق من أفاعيله وأباطيله لا تجعل عقلاء الأمم تنطلي عليهم هذه الحيلة، من ضربه بعض الصواريخ لتلك البلاد، مع أننا لا نشك في وعد الله لأمة الإسلام، التي ستواجه اليهود يوماً ما، ولكن من الذي يواجه اليهود؟ هل هم البعثيون الذين يقولون:

آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني

أولئك الذين يواجهون إسرائيل؟ من الذي يواجه إسرائيل؟ أولئك الذين يقولون:

سلامٌ على كفرٍ يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ

لا.

يواجه إسرائيل الفئة المؤمنة الطاهرة المتوضئة، التي أخلصت ولاءها لله ولرسوله ودينه، حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم! -ولا يقول يا بعثي- يا مسلم! ورائي يهودي تعال فاقتله، تلك الموقعة التي هي بشارة المؤمنين بالمعركة الفاصلة مع اليهود، أما هذه فتمثيلية تنطلي على السذج والبسطاء إذا رأوا قذيفة أو اثنتين سقطت في تل أبيب، قالوا: إن الرجل بحق يجاهد اليهود في فلسطين، لا والله، إن الذي يدرك سيرته، وتاريخ حزبه، وأفكار منظمته، وحقائق ملته وبدعته هذه، بل وكفره وطغيانه، يعرف أنه ليس بكفءٍ وليس أهلاً أن ينال شرفاً يدعي به جهاداً يواجه به اليهود.

عباد الله: هذه عقوبة الله لهذا الطاغية المتجبر، فكم من طفل مات في الصحراء عطشاً! وكم من عذراء انتهك عرضها! وكم من حصون رزان عفيفةٍ منيفةٍ اغتصبت غصباً! وكم من أناسٍ فتحت عليهم أفواه البنادق والرشاشات ظلماً وعدواناً! وكم من أناسٍ سلبت أموالهم وشردوا، حتى بحثوا عن أهليهم وذويهم في الإذاعات، هذا في الشرق، وهذا في الغرب، هذا في الشمال، وهذا في الجنوب! نسأل الله أن يعجل وأن يضاعف له العقوبة، وأن ينتقم للأيامى والثكالى، والأرامل واليتامى، والأطفال والشيوخ، والعجائز والمعوقين منه، لقد فعل بهم الأفاعيل {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:١٣٢].