أعلم أن الشعر لما كان كلاماً موزوناً يخرجه الزيادة فيه والنقص منه عن صحة الوزن، ويحيله عن طريق الشعر، أجازت العرب (فيه) ما لا يجوز في الكلام، اضطروا إلى ذلك أو لم يضطروا إليه، لأنه موضع ألفت فيه الضرائر.
دليل ذلك قوله:
كم بجود مقرف نال العُلي ... وكريمٍ بخُله قد وضَعه
في رواية من خفض (مقرفا). ألا ترى أنه فصل بين (كم) وما أضيفت إليه بالمجرور، والفصل بينهما من قبيل ما يختص بجوازه الشعر، مع أنه لم يضطر إلى ذلك، إذ يزول عن الفصل بينهما برفع مقرف أو نصبه.
وألحقوا الكلام المسجوع في ذلك بالشعر، لما كانت ضرورة في النثر أيضاً هي ضرورة النظم. دليل ذلك قولهم: (شهر ثري، وشهر ترى، وشهر