فأجبُتهُ لَّما رأيتكَ زائري ... وسمحتَ لي بعد النَّوى بتداني
طَفَحَ السُّروُرُ عليَّ حتَّى أنَّه ... من عِظَمِ ما قد سرَّني أبكاني
فدخلت أمامه الدار، ونعمت عيشا بالجار، وكدت أطير في المساء بالمسار، حتى شممت درك الأماني والأوطار، فجزيته خيرأً إذ جبرني بمزاره، وبقيت أقبل يده، وأمسح خدي بسقيط غباره، وبهت في لطفه الذي عليه منه أغارني، ونوه بذكري وإلا فمن أنا حتى تعني وزارني؟:
فلما استقر به المجلس أعجبه تركيبه، وراقه أرجه وطيبه، فقدم لنا الأكل على خوان الإخوان، عليه من الأطعمة ألوان، وناهيك بخوان قد أعجز في وصف ما عليه فصاحة الألسن، وجمع من المآكل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، والاختصار أولى عندي من وصف الطعام، لأن الأكل أقل من أن يطول فيه وصف وكلام.
حتى إذا مد الليل رواقه، وألقي في بحر االجوزاء أطواقه، أشعلنا شموع الكافور عليها من فتات العنبر حباب، فغدت تلك الشموع يبدو منها لعبير عنبرها