والمعرفة حياة القلب مع الله والأنس به، وعبادته بما يرضيه.
والمعرفة على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: معرفة أسماء الله وصفاته، فلا يستقر للعبد قدم في المعرفة ولا في الإيمان حتى يؤمن بصفات الرب جلَّ جلاله، ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه.
فالإيمان بالأسماء والصفات هو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان.
ولما كان أحب الأشياء إلى الله مدحه وحمده والثناء عليه بأسمائه وصفاته وأفعاله، كان إنكارها وجحدها أعظم الإلحاد والكفر بالله، وهو شر من الشرك وأقبح.
فإنه لا يستوي جحد صفات الملك وحقيقة ملكه، والتشريك بينه وبين غيره في الملك.
فالمعطلون أعداء الرسل بالذات، بل كل شرك في العالم فأصله التعطيل، فإنه لولا تعطيل كماله أو بعضه وظن السوء به لما أشرك به.
كما قال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لقومه: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)} [الصافات: ٨٦، ٨٧].
أي ما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟.
أظننتم أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟.
أم ظننتم أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى شركاء تعرِّفه كالملوك؟.
أم ظننتم أنه لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟.
أم هو قاسٍ فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟.
أم هو ذليل محتاج إلى أولياء يتكثر بهم من قلة، ويتعزز بهم من ذلة؟.
أم يحتاج إلى ولد يساعده ويرث عنه ملكه، فيتخذ صاحبة يكون له الولد منها ومنه؟.