للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» أخرجه أحمد وأبو داود (١).

وما يبتلى به العبد من الذنوب والمعاصي وإن كان خلقاً لله فهو عقوبة له على عدم فعل ما خلقه الله من أجله وهو عبادته سبحانه.

فلما لم يفعل ما أمره الله به، زين له الشيطان ما يفعله من الشرك والمعاصي، والإيمان يمنع من تسلط الشيطان عليه.

ولا بدَّ لكل إنسان من إرادة وحركة، فمن تحرك بالمعاصي والذنوب إما بفعل محظور أو ترك مأمور، فهذا عقوبة له لعدم فعل الطاعات، والشيطان مسلط عليه، فلما لم يتحرك بالحسنات حركه الشيطان بالسيئات، عدل من الله.

وتخصيصه سبحانه لمن هداه، بأن استعمله ابتداء فيما خُلق له وفيما يحبه الله فضل منه سبحانه، وهذا منه لا يوجب الظلم ولا يمنع العدل، وهو سبحانه أعلم بمن يستحقه ويشكره كما خص بعض الأبدان بقوى لا توجد في غيرها: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥)} [البقرة: ١٠٥].

فإن قيل معصية الكفر كانت في زمان قليل متناه، والجزاء في جهنم أبدى غير متناه، فكيف ينطبق هذا الجزاء على العدل الإلهي؟.

قيل: من مات على الكفر لو بقي أبداً لكان كافراً أبداً لفساد جوهر روحه، فهذا القلب الفاسد استعد لجناية غير متناهية.

وبذلك نعلم أن الجزاء الأبدي في مقابلة الجناية غير المتناهية، وذلك عين العدالة.

وأيضاً فالكفر كفران لنعم غير متناهية، فجزاؤه غير متناهٍ.

وحقيقة الإيمان:

التوكل على الله وحده، والتأثر من الله وعدم التأثر من غيره مطلقاً.


(١) صحيح بطرقه: أخرجه أحمد برقم (٤٨٢٥)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (١١).
وأخرجه أبو داود برقم (٣٤٦٢) واللفظ له، صحيح سنن أبي داود ر قم (٢٩٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>