للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل فرد من البشرية إلى يوم القيامة، وإنها لنعمة كبرى من الكريم على خلقه لو كانوا يفقهون: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتاً، فَأحْسَنَهُ وَأجْمَلَهُ إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قال: فَأنَا اللَّبِنَةُ، وَأنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ» متفق عليه (١).

فما أعظم فضل الرب على الناس .. وما أعظم رحمته لهم .. وما أعظم عنايته بهم.

يرسل إليهم رسولاً بعد رسول .. وينزل عليهم أمراً بعد أمر .. ويهديهم بكتاب بعد كتاب .. حتى أكمل الله الدين .. وبعث به رسول الله خاتم النبيين .. ورضيه منهاجاً للحياة إلى يوم الدين: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} [آل عمران: ٨٥].

فيا لها من نعمة ما أعظمها، وتكرمة ما أجلها، وحلية ما أحسنها.

وليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه، ولا تمكن محبته إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه، ومن أحب الله أنس به، ومن أحب غيره عذب به.

فمن يشعر ويحس بقيمة هذه النعمة الكبرى؟: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٦١)} [غافر: ٦١].

إن البداية من الله .. وإن البقاء في الدنيا بأمر الله .. وإن النهاية إلى الله .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. فلا حل ولا نجاة ولا فلاح للبشرية في الدنيا والآخرة إلا بالتسليم لله وطاعته وعبادته وحده لا شريك له: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)} [الأحزاب: ٧١].


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٥٣٥) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>