تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)} [إبراهيم: ٣٤].
أفيليق بالإنسان بعد رؤية هذه الآيات العظمى ألا يؤمن بالله؟.
وبعد رؤية هذه النعم الكبرى ألا يشكر ربه؟.
وبعد رؤية هذه، وهذه أن يبدل نعمة الله كفراً؟.
وبعد ذلك كله أيليق به أن يجعل لله نداً يعبده من دون الله؟.
حقاً إن الإنسان ظلوم جهول كفار، خاصة إذا لم يهتدِ بوحي السماء، ولم يؤمن بما جاء به الأنبياء.
إن المؤمن حين ينظر في ملكوت السموات والأرض، ويتأمل ويتدبر ما فيهما من آيات وعجائب، يرتجف فؤاده، ويخشع قلبه، وتخضع جوارحه، ويقف بين يديه ساجداً شاكراً.
إن النموذج الكامل للإنسان الذاكر الشاكر هم المؤمنون:
وأفضل المؤمنين الأنبياء والرسل .. وأفضل الأنبياء والرسل أولو العزم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد) صلوات الله وسلامه عليهم .. وأفضل هؤلاء الخليلان: إبراهيم أبو الأنبياء، ومحمد سيد الأنبياء، وأفضل الخليلين محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان أحسن الناس خَلقاً وخُلُقاً، وكان خلقه القرآن، وقد مدحه ربه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤].
فهل لنا بهم من أسوة؟ .. وهل لنا بهم من قدوة؟:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)} [الأنعام: ٨٩، ٩٠].
وقال الله سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١].
إن الكفر بنعم الله وجحدها، واستعمالها في معصيته، جريمة تستحق العقوبة كما قال سبحانه: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا