ولا يمكننا، على أية حال، أن نجعل بإن التيارين فاصلاً قاطعاً، لأن الثاني منهما لا يكون مدرسة مستقلة عن الأول، بل نجده يخامر الفكر الاسلامي على العموم ويتخلل اتجاهه العام كفكر يبحث عن حقنة اعتزاز للتغلب على المهانة التي أصابته من الثقافة الغربية المنتصرة، كما يبحث المدمن عن حقنة المخدر التي يستطيع بها مؤقتاً اشباع حاجته المرضية.
وهذا لا يجعلنا ننفي لهذا التيار، ولنوع الأدب الذي نتج عنه كل أثر حسن في مصير المجتمع الاسلامي، لأنه كان له نصيب لا يزهد فيه في الحفاظ على شخصيته، والجيل الذي أنا منه يدين له بذلك النصيب على الأقل في المحافظة عالى شخصيته الاسلامية.
انني على سبيل المثال، قد أكتشفت وأنا بين الخامسة عشر والعشرين من العمر، أمجاد الحضارة الاسلامية في ترجمة دوسلان لمقدمة ابن خلدون وفيما كتب دوزي عنها وأحمد رضا بعد الحرب العالمية الأولى.
وانني على إدراك تام لما أدين به لهذه المطالعات وقد ذكرت ذلك في الجزء الأول من ((مذكرات شاهد القرن))، ولآن، وأنا قد تجاوزت الستين من العمر، أستطيع أكثر من ذي قبل تقدير هذا العلاج للفكر