للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقيدة الخوارج في الصحابة الكرام]

أما الفرقة التي تقابل الشيعة ولهم موقف في غاية الخزي من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام فهم الخوارج، خلافاً للمعتزلة الذين جعلوا بعض الصحابة في منزلة بين المنزلتين، لكن الخوارج يمثلهم الناس في زماننا بجماعة التكفير والهجرة، وأقولها صراحة لله عز وجل.

هذه الفرقة -وهم الخوارج ويمثلهم الآن جماعة التكفير والهجرة- قد أساءوا إلى الدين والإيمان والإسلام والمسلمين أعظم من إساءة اليهود والنصارى، وأعظم من إعمال القتل في رقاب المسلمين على طول التاريخ وعرضه، وهؤلاء تنطعوا غاية التنطع وجهلوا دين الله أعظم جهل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإليه المرجع والمآب وعليه الاحتساب من كل من أساء إلى دين الله عز وجل، أو إلى عامة المسلمين.

وليس من عجيب أن تقول عائشة رضي الله عنها لما قيل لها: إن ناساً يقعون في أعراض الصحابة حتى وقعوا في عرض أبي بكر وعمر، قالت: وهل في ذلك عجب؟! قوم قد انقطع عنهم العمل فأراد الله تعالى ألا يقطع عنهم الأجر، أي: هم مأجورون بوقيعة هؤلاء السفهاء في أعراضهم وهم أموات في قبورهم، فالخوارج وقفوا موقفاً في غاية الخزي والعار والشنار من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.

فالمُحكِمة: هم الذين خرجوا على علي عند التحكيم وكفروه، وكفروا عثمان وأكثر الصحابة، وكفروا مرتكب الكبيرة كذلك.

والبيهسية منهم زادوا بقولهم: إذا كفر الإمام كفرت الرعية حاضراً أو غائباً، وهذا الذي يقوله الآن جماعة التكفير والهجرة، يقولون: الحكام كفرة وكذلك الشعوب؛ لأن الحاكم إذا كفر كفرت الرعية! وعندهم هذه الأمور مسلمات (١+١=٢)، وانتهت القضية على ذلك! أي علم هذا وأي دين هذا؟! هذا سفه وجنون في دين الله عز وجل.

والأزارقة -وهم أتباع نافع بن الأزرق - كفروا مرتكب الكبيرة، وكفروا الصحابة عموماً، وكفروا علياً خصوصاً، وزعموا أنه هو الذي نزل في شأنه قول الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة:٢٠٤]! هكذا زعموا، وقالوا: بأن ابن ملجم الذي قتل علياً كان محقاً في قتل علي رضي الله عنه، وهو الذي نزل فيه قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة:٢٠٧]! وكذا الإباضية وهم أتباع عبد الله بن إباض وما أكثرهم في الأحياء القديمة في القاهرة، ولعل الكثير منكم يعرفهم، ويعرف مساجدهم وأنهم لا يسمحون قط بدخول أحد للصلاة معهم وخلفهم إلا أن يكون على معتقدهم، وهم ينطلقون في أحيائهم بشراء البيوت والمحلات حتى تصفو لهم هذه الأحياء؛ فلا يكون فيها غيرهم؛ فتكون دولاً داخل دولة واحدة.

أمور عجيبة تتم في بلاد الإسلام وعلى مرأى ومسمع من المسلمين حكاماً ومحكومين، وكأن لا أحد يعنيه الأمر.

قالت الإباضية: إن علياً هو الحيران في قول الله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} [الأنعام:٧١]، ويقولون: أصحابه الذين كانوا يدعونه إلى الهدى هم أهل النهروان.

وأما نحن أهل السنة والجماعة فنقول: نبرأ إلى الله عز وجل من طريقة الشيعة والخوارج في آن واحد وكذلك طريقة المعتزلة، ونقول كما قال الشاعر: برئت من الخوارج لست منهم من الغزال منهم وابن باب ومن قوم إذا ذكروا علياً يردون السلام على السحاب اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا وكل ذلك عندنا.

وصلى الله على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>