للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكذلك ما سمي به الشيء لوجود علة يجوز وجودها قبله، وما سمي به الشيء لحدوثه ولأنه فعل فلا يجوز أن يسمى بذلك قبل أن يحدث كالقول مفعول ومحدث، وما سمي به الشيء لوجود علة فيه فلا يجوز أن يسمى به قبل وجود العلة فيه كالقول جسم وكالقول متحرك وما أشبه ذلك، وكان ينكر قول من قال الأشياء أشياء قبل كونها ويقول: هذه عبارة فاسدة لأن كونها هو وجودها ليس غيرها فإذا قال القائل: الأشياء أشياء قبل كونها فكأنه قال: أشياء قبل أنفسها.

وقال قائلون: لم يزل الله يعلم عوالم وأجساماً لم يخلقها وكذلك لم يزل يعلم أشياء وجواهر وأعراضاً لم تكن ولا تكون، ولا نقول: لم يزل يعلم مؤمنين وكافرين وفاعلين ولكن نقول أن كل شيء يقدر الله أن يبتدئه بصفة من الصفات فهو يعلمه بتلك الصفة إذا كانت تلك الصفة مقدورة له إذ كان لم يزل مقدوراً له، قالوا: ويستحيل أن يقال للإنسان مؤمن في حال كونه أو كافر فلما استحال أن يوصف به في حال كونه فمستحيل أن يوصف به قبل كونه ولما كان الله سبحانه قد يبتدئه جسماً طويلاً قيل جسم طويل مقدور، وهذا قول الشحام، وقد ناهض هؤلاء لأن الجسم في حال كونه موجود مخلوق وهم لا يقولون أنه موجود مخلوق قبل كونه.

<<  <   >  >>