وقال النظام وأصحابه وعلي الأسواري والجاحظ وغيرهم: لا يوصف الله سبحانه بالقدرة على الظلم والكذب وعلى ترك الأصلح من الأفعال إلى ما ليس بأصلح وقد يقدر على ترك ذلك إلى أمثال له لا نهاية لها مما يقوم مقامه، وأحالوا أن يوصف البارئ بالقدرة على عذاب المؤمنين والأطفال وإلقائهم في جهنم.
وقال أبو الهذيل أن الله سبحانه يقدر على الظلم والجور والكذب وعلى أن يجور ويظلم ويكذب فلم يفعل ذلك لحكمته ورحمته ومحال أن يفعل شيئاً من ذلك.
وقال أبو موسى وكثير من المعتزلة أن الله سبحانه يقدر على الظلم والكذب ولا يفعلهما، فإذا قيل: فلو فعلهما؟ قالوا: لا يفعلهما أصلاً وهذا الكلام قبيح لا يحسن إطلاقه في رجل من صلحاء المسلمين فكذلك لا يطلق في الله عز وجل وليس بجائز أن يقول قائل: لو زنى أبو بكر وكفر علي كيف يكون القول فيهما؟ وقد علمنا أن الله سبحانه لا يظلم بالدلائل فلذلك نستقبح القول: لو فعل الظلم، وكان أبو موسى إذا جدد القول عليه قال: لو ظلم مع وجود الدلائل على أنه لا يظلم لكانت تدل دلائل على أنه يظلم وكان يكون رباً إلهاً