قلنا: نعم هو ما أظهر من حكمته وأدلته على نفي الظلم والجور والكذب، فإن قيل: أفيقدر مع الدليل أن يفعل الظلم والكذب؟ قال: نعم يقدر مع الدليل أن يفعل مفرداً من الدليل لا بأن نتوهم الدليل دليلاً والظلم واقعاً لأن في توهمنا الدليل دليلاً علماً بأن الظلم لا يقع وإذا قلت يفعل الظلم توهمت الظلم واقعاً وعلمته كائناً مع علمك أنه غير كائن ومحال أن يجتمع العلم والتوهم بوقوعه والعلم والتوهم بأنه غير واقع فلم يجز اجتماع هذين التوهمين وهذين العلمين في قلب واحد، قال: ونظير ذلك أن قائلاً لو قال: يقدر من أخبر الله أنه لا يؤمن على الإيمان؟ قيل له: يقدر مع وجود الخبر أن يفعل الإيمان ولا بأن نتوهم وقوع الإيمان ووجود الخبر ولكن على أن نتوهم وقوع الإيمان مفرداً من وجود الخبر، وإلى هذا القول كان يذهب جعفر بن حرب.
وذهب إلى هذا القول البلخي وزعم أن الظلم لو وقع لكانت العقول بحالها ولكن الأشياء التي يستدل بها العقول كانت تكون غير هذه الأشياء الدالة يومنا هذا وكانت تكون هي هي ولكن على خلاف هيئاتها ونظمها واتساقها التي هي عليه اليوم.
وكان الإسكافي يقول: يقدر الله سبحانه على الظلم ولا يقع