وله مؤلف في تاريخ التشريع الإسلامي، وكله دَسٌّ وتحريف على أسلوب أستاذه جولدتسيهر.
وفي جامعة «أبسلا»(السويد) التقيت بالشيخ المستشرق «نيبرج» وهو الذي كان قد أشرف على طبع كتاب " الاستبصار " لابن الخياط - على ما أظن - وطبعته قَدِيمًا «لجنة التأليف والترجمة في القاهرة» وجرى بيني وبينه حديث طويل كان أكثره حول أبحاث المُسْتَشْرِقِينَ ومؤلفاتهم عن الإسلام وتاريخه، وجعلت «جولدتسيهر» محور الحديث عن المُسْتَشْرِقِينَ، وذكرت له أمثلة من أخطائه وتحريفه للحقائق، فكان مِمَّا قاله بعد ذلك: إن جولدتسيهر كان في القرن الماضي ذا شهرة علمية ومرجعاً للمستشرقين، أما في هذا العصر - بعد انتشار الكتب المطبوعة في بلادكم عن العلوم الإسلامية - فلم يعد جولدتسيهر مرجعاً كما كان في القرن الماضي .. لقد مضى عهد جولدتسيهر في رأينا! ..
وقد أتيح لي خلال تلك الرحلة أن أواصل زيارة الجامعات عدا ما ذكرته منها في عواصم كل من «بلجيكا» و «الدانمارك» و «النرويج» و «فنلندا» و «ألمانيا» و «سويسرا» و «باريس» واجتمعت بمن كان موجوداً حينئذ من المُسْتَشْرِقِينَ فيها.
ومِمَّا ذكرته آنفاً وما دوَّنتُه في مذكّراتي عن المُسْتَشْرِقِينَ الذين لقيتهم خلال تلك الرحلة، اتضحت لي الحقائق التالية:
أَوَلاً - إن المُسْتَشْرِقِينَ - في جمهورهم - لا يخلو أحدهم من أن يكون قسيساً أو استعمارياً أو يهودياً، وقد يشذ عن ذلك أفراد.
ثَانِياً - إن الاستشراق في الدول الغربية غير الاستعمارية - كالدول السكندنافية - أضعف منه عند الدول الاستعمارية.
ثَالِثاً - إن المُسْتَشْرِقِينَ المعاصرين في الدول غير الاستعمارية يتخلون عن جولدتسيهر وآرائه بعد أن انكشفت أهدافه الخبيثة.
رَابِعاً - إن الاستشراق بصورة عامة ينبعث من الكنيسة، وفي الدول الاستعمارية يسير مع الكنيسة ووزارة الخارجية جنباً إلى جنب، يلقى منهما كل تأييد.