للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن هذا الاعتراض والتحايل على شرع الله عز وجل لا ينتج عنه إلا أمر واحد ونتيجة محددة، تؤكد لكل العالمين أن هذه الشريعة شريعة الله أحكم الحاكمين، هذه النتيجة هي محق هذه الأموال المحرمة كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (١)، وما أكثر ما شاهدناه من محق للأموال المحرمة سواء في إفلاس البنوك وأسواق المال العالمية، أو في انهيار اقتصاديات الدول، أو في المعيشة الضنك التي تحيط بمن وقع في مستنقع هذه المعاملات المحرمة؛ أضف إلى ذلك أنواع العذاب الذي يحل بالأفراد والأمم؛ قال تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} (٢).

فالاختلاف بين النظام المالي الإسلامي والأنظمة المالية الجاهلية، ليس فقط في تحريم الربا بصوره المتنوعة؛ بل هو اختلاف في وظيفة المال في هذه الحياة الدنيا جملة وتفصيلاً، هو اختلاف في النظر إلى المال من حيث المبدأ والوسيلة والغاية، هو اختلاف جذري ينبع من عقيدة المسلم التي ترى أننا مستخلفين في هذا المال قال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (٣)، فحق التصرف في المال مرهون بحق من استخلفنا فيه سبحانه وتعالى.

وليست مهمة الفقيه المسلم أن يمرر ما تنتجه الفلسفة الاشتراكية أو الرأسمالية من أفكار هزيلة، وتجارب فاشلة، ونظريات مضطربة، بدعوى المعاصرة، والتعايش، وعدم


(١) سورة البقرة، الآية ٢٧٦.
(٢) سورة النحل، الآية ٤٥.
(٣) سورة الحديد، الآية ٧.

<<  <   >  >>