للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسعيهم في حبسه، بخاف على من قرأ نتفًا يسيرة عن حياة ابن تيمية، فكيف يُترك هذا الأمر الجلي لمثل هذا الفهم.

ثانيًا: نصر ابن تيمية لترك التأويل لا يعني أبدًا القول بما يسميه الأشعرية تفويضًا، بل معنى الكلام أنه لا يقول بالتأويل، وليس في الكلام المنقول هنا تعرض لذكر اعتقاد ابن تيمية، فكيف يجعل هذا دليلاً على أنه كان أشعريًا!!

ثالثًا: ابن تيمية يفرق بين الأشعري والأشعرية المتأخرين، ويذكر أن آخر أمر الأشعري موافق لصحيح الاعتقاد، وينقل عن الإبانة تصريح الأشعري أنه يقول بما كان عليه الإمام أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ويخالف من خالف قوله، أما الأشعرية المتأخرون فيوضح ابن تيمية أنهم مع مرور الزمن اختلفوا وخالفوا إمامهم (١).

رابعًا: هب أن ابن تيمية وافق الأشعرية في هذه المسألة، أيكون بذلك أشعريًا؟! فكم خالف ابن تيمية مذهب الأشعرية في مسائل كثيرة! ولا يكاد يخلو مذهبين من مذاهب المسلمين من اتفاق في مسائل من الاعتقاد، ويظل لكل مذهب أطره التي قام عليها.

وقال: "ونرى فقهاء المسلمين ومنهم الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى، يجعل الكافر العادل أقرب من دين الله من المسلم الظالم؛ لأن العدل أساس الملك" (٢).

تعبير أقرب من دين الله افتئات على الأئمة الذين يذكر قولهم؛ لأنه لا يمكن أن يكون الكافر أقرب من دين الله من المسلم، وعبارة ابن تيمية التي أشار إليها هي قوله: (الجزاء في الدنيا متفق عليه أهل الأرض، فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة


(١) انظر بيان تلبيس الجهمية، ج٢ ص ٣٣٤.
(٢) كتاب التربية والسلوك، ص ٢٠٧.

<<  <   >  >>