له جوانب مختلفة، وله درجات متباينة، وليس من العدل أن نصف واقعًا ما بأنه لا يطبق الشريعة لمجرد مخالفته لبعض أحكامها في الواقع المعيش، حيث إن هذه المخالفات قد تمت على مدى التاريخ الإسلامي وفي كل بلدان المسلمين ودولهم بدرجات مختلفة ومتنوعة، ولم يقل أحد من علماء المسلمين: إن هذه البلاد قد خرجت عن ربقة الإسلام أو إنها لا تطبق الشريعة، بل لا نبعد في القول إذا ادعينا أن كلمة تطبيق الشريعة كلمة حادثة".
لو فرضنا أن الخلل الموجود عند غالب الحكومات هو انسلاخ فقط عن إقامة الحدود الشرعية لكانت مصيبة من أعظم الموبقات، ولقلنا لهم:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}(١) والواقع يؤكد أن الخلل الموجود عند غالب الحكومات هو انسلاخ عن كثير جدًّا جدًّا من أمور الشريعة في شتى مجالات الحياة؛ من: سياسة، واقتصاد، وقضاء، وإعلام، وتعليم، وتربية، وثقافة، وحسبة، وجهاد ... .
وزعمه أن هذه المخالفات وقعت عبر التاريخ في كثير من البلدان لا ينفي كونها ضلالات باطلة، ولا زال العلماء الصادقون ينكرون المنكرات، ويعلنون وجوب التزام الشرع، وينكرون على من لا يطبق الشريعة حكمه بالطاغوت، ولاقوا من الطغاة والطواغيت صنوف الأذى، أسأل الله أن يتقبل جهادهم، وأن يرحم موتاهم، وأن يجزيهم خير الجزاء.